الأربعاء، 11 ديسمبر 2024

وسط النار والانتظار للمنهندس أبو أكبر فتحي فايز سليمان الخريشا

 .                * وسط النارِ والٱنتِظار * 

أريد أنْ أسمع صوتِي بعيدًا عن عويلِ الرِّيحِ ولجاجةِ البَحرِ ومَعمعان الإقتِتال ..

بعيدا عن تسلطِ القويّ المفتون بالسُّلطةِ على الضَّعِيف المسكِين ..

بعيدًا عن تجبرِ أيٍّ من دولةِ أمَّةٍ ذات جبرُوتٍ مخبولة بالهيمنةِ وسفكِ الدِّمَاءِ..   

أريد أنْ أسمع أناشيد صوتِي دون أنْ تدوي في أذنيّ هسهسة الحشرات .. 

دون عواءِ ضَوارِي الفلاةِ بالاِفتِرَاس ..

دون قهقهة أزيزِ الرَّصَاص ..

أريد أن أرىٰ الشّمس دون أن تحجبها ظلمة سرادِيب الأقبيَّةِ وكثِيفِ حالِك الدُّخان ..

دون أنْ تلقىٰ عليهَا أردِيَة السُّمُومِ ومن كلِّ صوبٍ تحيطها جهمةُ الدَّهْمَاءِ .. 

أريد أن أرىٰ نفسِي عارِيَة في ضُوءِ ٱكتِمالِ القمرِ حيث لا عيون للحسدِ والخوفِ تحدق بي وحيث لا يطالني الشوكُ والضَّعفُ والاِتّساخ ..

أريد أنْ أغسل أفئِدة جَسدِي بماءِ المطرِ وندفِ الثلجِ وأنوارِ العلياءِ .. 

وأطيّبها بأبخرةِ بتلاتِ الوردِ كي لا يبقىٰ عليها شيئا من أدرانِ حيَاةِ الدُّنِيا .. 

من أوحالِ ما تُسمَّىٰ بالأوطانِ ..

من سطوةِ المدنِيَّةِ وغطرسة الحضَاراتِ ..

ومن حماقة أعرافٍ ونتانة عادات ..

أريد أنْ أحلق نحو الشّفق البَعِيدِ معانقا أفق الضِّياءَ .. 

سائرًا مع أجنِحةِ الأبدِيَّةِ فوق دفَّةِ دولابِ اللانهايَات على دروبِ الجَمالِ والحريَّةِ والسَّلامِ ..

دون أن تُدمِي قيُودُ التَّبعِيَّة والعُبُودِيَّة ذاتي في سَبخةِ الأوباءِ .. 

دون أنْ أخشىٰ على أجْنِحَتِي من مقبضِ القصِّ ومن قبضَةِ الأسرِ ..

أريد أنْ أعتنق ما أشاءَ دون خُوَارٍ من وثنٍ ..

دون ثغثغة من بُلهاءٍ ومَأمَأةٍ من قطِيعٍ وعواءٍ من ذِئابٍ ..

أريد أنْ أجنح مع أناشِيدِ الحُبِّ في فضَاءات الحريَّة والٱنعِتاق دون أنْ تطاردنِي الكراهِيّة والتسَاقط في وِديَانِ أقبيةِ العبيدِ الجبناءِ ..

أريد أنْ أشرب كأسِي مُمتلئة من عصِيرِ كرمةِ الحقول المعتقة بشوةِ الحيَاةِ  دون أنْ تسكبَ فيها شقواتُ العيشِ واللهاثُ وراء أحلامِ الأمنياتِ العلقمَ المُرِّ والسُّمَّ الزُّعافِ ..

فهل يأتي زمن يزفُّ بُشرىٰ حُلول المحبَّة والجمال ..

حُلول الرَّحمة والتسامح والعدلِ .. 

ٱنطِفاء نائرة الهيجاء ..

ٱنكِفاء الضَّلال والفساد ..

يصير لي ولحبيبتي فيهِ الحريَّة والسَّلام .. 

ألآ ليس لي الآن إلّا المُضي قدمًا وسط حقول الألغام ..

وسط النار والٱنتِظار .. .


                من ديوان غربةُ الٱنتِمَاءِ لمؤلفه :

     المهندس أبو أكبر فتحي فايز سليمان الخريشا

                                 ( آدم )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق