ظلالُ مرآةٍ مبلَّلة 2
"رُقيعةُ نورٍ على وجهي"
وتتوالى الأيّامُ...
كأوراقِ تقويمٍ تتساقطُ روحي
طَبقةً من تحتِها طَبقة،
كبصلةٍ تُقشَّرُ ببطءٍ،
تسيلُ بكلِّ الدمعِ،
وهو يُمسكُ كلَّ واحدةٍ بأناملِهِ النَّحيلة،
بأناملِهِ الرقيقةِ التي لا تَخدشُ،
ولا تَقطعُ،
ولا تُدمي.
حِضنُ صوتِه سكينةٌ تنسكبُ في أُذني كنهرٍ...
يَسمعُ صمتي، ويَقرأُ ما بينَ النبضةِ وأُختِها،
يَرى دموعي قبلَ أن تُولَدَ في عيني،
ولأوّلِ مرّةٍ أَعصِفُ بهذا الغُصنِ ولا أَخجل...
ولماذا يحفظُ كلَّ تفاصيلِي، ولا أَحفظُها أنا؟
أَحسبُها كلماتي كجواهرَ ثمينة،
يَتلقّفُها بكلِّ صبر،
ثمّ يَكسرُ صمتي برفقٍ
لا أعهَدُهُ في رجلٍ يزرعُ في قلبي بذرَةَ تأويلٍ خاطئ.
وأَحسبُهُ جَوهَرَ أحلامي،
أحبِسُهُ موعدَ ليلةٍ،
يَداً حنونةً أذوبُ بها، وأُقفِلُ الأصابع،
حتّى إذا جَنَّ الصباحُ،
انتظرتُ موعدَهُ بلهفةِ عاشقةٍ،
لأنتقيَ الحروفَ ملابسي، وأجلسَ قُبالَتَه.
لم أَعد أشعرُ بأنّهُ يُعالِجُ روحي،
بل أُلاقي اهتمامَهُ بكلِّ أنايَ وقلبي،
رُبّما في ذلك استِدراجٌ للخطأ،
أو أنّني أَغرقُ في مستنقعٍ آخر...
وعندَ حَضرَتِه...
يَتسلّلُ وجهُ النورِ زواياه نفسي،
كشُعاعِ مسافاتٍ بعيدةٍ
يَخترقُ بنَظرتَه نافذةُ غُرفةٍ مهجورة،
لأَكتشفَ هذا المُتراكم:
غُبارَ ألواحِ خوفٍ وعُزلة...
مخبّأةٌ تِلكَ الصور،
قد أَلصقتُها على وجهِه،
ودون أن أَعلمَ أنّها انعكاسٌ لحِرماني.
(محمد الحسيني)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق