عَكَازَةٌ
أَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا أَهْدَافًا أُخْرَى
لَسْتُ نَبِيًّا حَتَّى أُخْبِرَكُمْ
فِي أَعْمَاقِي
بِئْرٌ يُوسُفِيٌّ مَلِيءٌ بِالْأَحْزَانِ
قَدْ جِئْتُ لِأُوقِظَكُمْ مِنْ سُبَاتِكُمْ
أَطِلُّ عَلَيْكُمْ بِشَفَافِيَّةٍ وَرِقَّةٍ
كَجَنَاحِ فَرَاشَةٍ لَا يُؤَرِّقُكُمْ
وَلَا يُثَقِّلُ عَلَيْكُمْ
أَنَا كَالنَّسَمَةِ الرَّقِيقَةِ الَّتِي تَمُرُّ بِكُمْ
دُونَ أَنْ تَشْعُرُوا
كَلِمَاتِي بِلَا رُتُوشٍ
الَّتِي تَتَرَقْرَقُ كَالْفَرَاشَةِ عَلَى السُّطُورِ
أَكْتُبُ بِخِفَّةٍ وَغَامِضَةٍ
دُونَ أَنْ أَتْرُكَ أَثَرًا سَلْبِيًّا لِفَلْسَفَتِي الشِّعْرِيَّةِ
عَدَا الدَّهَشَةَ وَالرَّوْنَقَ
حُرُوفِي شُهُبٌ تَهْتَدِي بِهَا الطُّرُقُ الْمُوحِشَةُ.
لَسْتُ الْمَدَّ وَالْجَزْرَ فِي سَوَاحِلِكُمْ
حَتَّى أُنْتِجَ فَقَاقِيعَ هَوَاءٍ
وَفِي أَفْكَارِكُمُ الْمُهْجَرَةِ
الَّتِي تَفْتَقِرُ حَدَاثَةَ الْبَلَاغَةِ وَالْكَلِمَةِ
عَكَازَتِي تُضِيءُ الدُّرُوبَ
تَسِيرُ عَلَى مَسَارَاتِ الزَّمَنِ
حَامِلَةً فِي طَيَّاتِهَا حِكْمَةً عَمِيقَةً
تُنِيرُ الطَّرِيقَ لِلضَّالِّينَ
نَحْوَ سُبُلِ الْحَقِّ وَالْحَقِيقَةِ
مُبَشِّرَةً لَكُمْ بِإِضَاءَةٍ
تُنِيرُ عُقُولَكُمْ وَنُفُوسَكُمْ
لَسْتُ نَبِيًّا لِتُؤْمِنُوا بِي
وَلَسْتُ يَعْقُوبَ الَّذِي ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ
أَنَا إِنْسَانٌ مِثْلُكُمْ
مِنْكُمْ وَإِلَيْكُمْ
قَصِيدَتِي مَكْتَمِلَةٌ
كَامِلُ الدِّسْمِ
مِنْ حَيْثُ الْقَرَارُ وَالْجَوَابُ
كألْحَانُ ابْتِهَالَاتِ الْمَقَامَاتِ الْبَغْدَادِيَّةِ
وَعَلَى صَوْتِ يُوسُفَ عُمَر
تَسْتَقِرُّ فِي الْقَلْبِ
وَتَتَرَسَّخُ فِي الذَّاكِرَةِ
مُخَلِّفَةً وَرَاءَهَا
أَثَرًا مِنَ الْجَمَالِ وَالسَّكِينَةِ
عُيُونِي كَعُيُونِ الْمَهَا
تَرْنُو مِنْ دَوَّارَةِ شَهْرِزَادَ
إِلَى بَازَارِ الْعَرَبِيِّ
حَيْثُ يَقِفُ الْمُتَنَبِّي
عَلَى ضِفَافِ نهر دِجْلَةَ
مُتَأَمِّلًا جَمَالَ الْمَدِينَةِ
وَرَوْعَةَ التُّرَاثِ
تَفْرِشُ قَصِيدَتِي مُفْرَدَاتِهَا
عَلَى حَافَتِهَا
فِي لَحْظَةٍ تَجْمَعُ بَيْنَ الْحُبِّ وَالشِّعْرِ
أَنَا الْقَصِيدَةُ النَّاضِجَةُ
أكتب لذَاتُ الْوِشَاحِ الْأَحْمَرِ
تَفُوحُ مِنْ فَمِهَا فَاكِهَةُ كَلِمَاتِي
وَتُعَشِّقُنِي بِاللْهَفَةِ حَتَّى النُّخَاعِ
أُرْوِيهَا كَلِمَاتِي
تَرْقُصُ فِي عَيْنَيْهَا أَلْحَانُ شَوْقِي
بَعْضُ الْأَفْكَارِ كَالشَّمْسِ
تُضِيءُ وَلَكِنَّهَا لَا تُدَفِّئُ
أَدْخَلْتُ حَدَاثَةً فِي شِعْرِي
أَنْتَجَتْ تَجْدِيدًا وَرُؤْيَةً
تَتَسِمُ بِلَوْحَةٍ فَنِّيَّةٍ مُتَكَامِلَةٍ
لَا أَمْلِكُ مَنْزِلًا يُدَفِّئُنِي
بَلْ كُوخِيَ وَحْدَتِي
وَلَيْسَ لِي قَصْرٌ
إِنَّ قَصْرَ خَيَالِي مَحْضُ تَصَوُّرٍ
وَلَسْتُ مَالِكًا لِدُكَّانٍ صَغِيرٍ
فَكُتُبِي هِيَ دُكَّانِي
حَيْثُ أَمْضِي فِي شَارِعٍ مُزْدَحِمٍ
لَكِنَّ رُفُوفَ عَقْلِي تَفِيضُ بِالْكُتُبِ وَالْمُعَاجِمِ
عَكَازَتِي تَعْكِسُ حَالَةً مِنْ عَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ
بَيْنَ السُّطُورِ
وَأَنَا أَعِيشُ فِي حَالَةٍ مِنْ الْغُمُوضِ
كَأَنَّنِي مَلْقِيَةٌ عَلَى كُومَةٍ مِنْ الْأَحْزَانِ
سمير كهيه أوغلو
العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق