الأحد، 1 يونيو 2025

مقال / في تلاقح الحضارات للاديبة لمياء بولعراس

 في تلاقح الحضارات ...                         


لم يكن الفعل التثاقفي بين الأمم مقتصرا على المعارف الصحيحة في عصرنا الراهن فحسب وإنما اكتسح جميع المجالات متوسلا الوسائط الرقمية للاستدلال على القدرة الخلاقة للنفاذ إلى المعلومة الموسوعية... 


شأن التثاقف هو شأن التواصل الرقمي عينه،تجلى الأمر في الذكاء الاصطناعي الذي عمق الهوة بين التأصيل والانبتات ،أو خلق وتيرة  استفادة تتفاوت وفق المطمح من استعماله يعني ذلك أن التبادل الثقافي المعرفي اجتبى له منفذا استعماليا روّض المعلومة لصاحبها وفق اختياراته فخذ مثل مستعمل  تجند بالذكاء الاصطناعي في اليابان لإنجاز رسالة بحث حول الأدب العربي مثلا سيحضى بٱنجاز وفير المعلومة ،محكم المنهجية، وهوذاته يستنسخه  طالب في الصومال مثلا دوّن نفس الموضوع فاكتسب نفس  النموذج ..هل يمكن أن ننسب هذا النموذج للطالب الياباني بثقافته الٱسوية الحديثة أو نضمه للطالب الصومالي بانتمائه الحضاري الافريقي الاسلامي ..


لا هذا ولاذاك ...فالثقافة باتت واحدة والحضارة لم تصنع لنفسها سياجا ينفتح من باب موارب لثقافة دخيلة .تحاول الولوج لهذا  المدخل بمكتسباتها السالفة ومراهنة على الانفتاح من الباب المفتوح لها على قدر فعل التثاقف المنتقى و،المغربل، وإنما الحضارة الوليدة اليوم   لم تخنق حصارا حولها بل اكتفت بالنموذج الواحد والنسخة الواحدة ،فأصبح الفكر ذاته والمعرفة ٱلية استنباطية توجّه  نحو فوهة الذكاء الاصطناعي المصوبة نحو العقول لتدمرها بمنوال يتيم مستنسخ ..  


إنّ سعة التواصل الرقمي الذكاوي فاقت المقدرة الإبداعية التجريبية للذهن البشري .وبذلك أصبحت الثقافات متشابهة متناسخة في فضاء أقصى الإنية والهوية ،ألا يسعنا أن نراهن على التفرّد ؟ ألا يمكننا أن نختلف لنؤسس من الاختلاف تناميا للمعارف دون هتك للهويات ؟ هل بمقدورنا أن نولي  لهذا التمشي الرقمي ظهرونا فنكون بذلك من المتخلفين ؟! 


أسئلة رجّت بأدمغتنا إلى حدّ التناهك ، نتثاقف بمنوال واحد ،نرتزق منه هوية ملطخة بصناعة ذكاوية وهو الحال نفسه حين نتراصّ بغيرية متشابهة جعلت منّا صناعة متبلّدة الثقافة ،متصنعة الحضارة !!


في حين إن استدرجنا التثاقف المتحضر نحو منافع نفترشها أو نستند إلى أعمدتها كلما شحت علينا المنافذ النفعية نجد لذواتنا مخرجا من عتمة ...هكذا نلج التحضر من باب الثقافة الوفيرة المتاحة ،نستل منها وميضا لظلمة الانغلاق ،نتدثر بها حين تمزق ثيابنا البالية من أثر التقوقع في الموروث النمطي ..


ثقافة ذكاوية نحتمي بها في تواصل استقرائي للمتاح المعلوماتي ،فهو ما يبرز مثلا في استعانة ذاك الياباني بالذكاء الاصطناعي في البحث عن مدونة للأدب العربي ..يجادل دائرة معلوماته الذكاوية فيخضعها لمدلولاته الدراسية ويسعى لدمج المتعارف لديه للوافد من المتوفر من الشبكة المعلوماتية فيخرج ببحث فيه التمحيص والتبين فالتوفيق بين المعرفة والتعرف فيكون البحث حول الأدب العربي زاخرا بالهوية اليابانية تفاعلا ولغة ..ولن تكون اللغة نفسها والأسلوب عينه في رسالة بحث ذاك الصومالي الذي استنطق الذكاء الاصطناعي حول الأدب العربي فإن استقى من مكتنزاته المعرفية مقارنات ومعاينات لما انطبع في بحثه مع  هويتة لتماهت  هذه الخصوصية مع الافريقية لتنفتح على البحث النموذجي حول الأدب  دون إسقاط للمتعارف ودون مغالاة في النسخ لما وقعت عليه ضغطة زرنا أونبرة صوتنا ونحن نحاور الذكاوي لهجتنا العامة أحيانا ...!!


التثاقف الذكاوي رافد مستحدث من المعارف موسوعي في أصوله ،نموذجي في مخرجاته استنساخي في أشكاله ولكننا لو تجاوزنا المتعارف إلى المنطبق على ثقافاتنا والمنفتح على هويتنا لأدركنا مجالا ثوريا للنفع بخصوصيتنا لا بغيرية تفقدنا ذواتنا ،ابتكاراتنا ،وابداعاتنا 


لمياء بولعراس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق