سَارِيَة 4
"حينَ يَهْمِسُ الشَّفَقُ"
كَأَنَّهَا حافَّةُ النَّهَارِ الأَخِيرَة،
تَتَدَلَّى كَتِفُ الضَّوْءِ،
وَتَرْتُقُ أَطْرَافَ الغُرُوبِ بِخُيُوطٍ مِنْ حَرِيرٍ نُحَاسِيّ.
وَجْهُهَا؟
مِرْآةٌ مَائِلَة،
تُرَاوِغُ الشَّمْسَ ظِلَّهَا،
حِينَ يَخْتَلِطُ أَحْمَرُهَا الحَارِقُ بِلَوْنِ الغُيُومِ الفَاتِح،
وَحِينَ تَغْمِزُهَا السَّمَاءُ بِعَيْنٍ "نِصْفِ نَائِمَة".
عَيْنَاهَا؟
لَوْحَتَانِ مُعَلَّقَتَانِ فِي خَاصِرَةِ الغُرُوب،
تَتَسَرْبَلَانِ لَوْنَ الحَنِينِ قَطْرَةً، قَطْرَة،
وَتُخْفِيَانِ فِي رَمْشَيْهَا نَجْمَتَيْنِ تَتَقَابَلَان.
وَفِي شَفَتَيْهَا... بَوْحٌ لَا يُنْطَق،
كَأَنَّهَا تَنْثُرُ أَغَارِيدَهَا فِي الهَوَاءِ،
فَتُصْبِحُ النَّسَائِمُ قَصِيدَة،
وَالظِّلُّ رَقْصَةٌ بَيْنَ الحُضُورِ وَالغِيَاب.
تَمْشِي، فَيَنْفَطِرُ الأُفُقُ مِنَ الحَيَاءِ،
فِي وَجْهٍ تُقَبِّلُهُ الشَّمْسُ قَبْلَ الرَّحِيل،
وَشَعْرٍ يُسَرِّحُهُ المَسَاءُ بِأَصَابِعِهِ النَّدِيَّة،
كَأَنَّهَا شُرْفَةُ الكَوْن،
يَتَّكِئُ عَلَيْهَا الضَّوْءُ قَبْلَ أَنْ يَغْفُو،
وَتَهْمِسُهَا الأَلْوَانُ مَسَاكِبَ عِطْرٍ وَٱنْتِظَار.
سَارِيَةُ لَا تَغْرُب،
بَلْ تَسْحَبُ النَّهَارَ خَلْفَ فُسْتَانِهَا،
لِتَرْقُصَ عَلَى أَهْدَابِ الغَيْم،
بَيْنَ سُطُوعٍ لَمْ يَكْتَمِل،
وَظِلِّ ابْتِسَامَةٍ تَغْفُو فِي رِقَّةٍ لَا تُقَاوَم.
✍️ محمد الحسيني – لبنان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق