الذنب الذي لم أفعله
في الزنزانة رقم (9)، جلس رجل في الخمسين من عمره، ملامحه هادئة لكن عينيه تغليان بصمت.
قال للسجان الذي أعطاه الورقة:
– لن أكتب اعترافًا... سأكتب حقيقة.
وكتب:
– في ليلةٍ باردة، طرقوا بابي وقالوا إنني القاتل. لم أكن هناك، لم أعرف الضحية. لكنني كنت الفقير الوحيد القريب من موقع الجريمة،
والصامت الوحيد الذي لا يملك ظهرًا.
توقف، تنهد، ثم تابع:
– قال المحقّق: اعترف، نُنقذك من الإعدام. فقلت: لا أملك ما أعترف به. قال: إذًا ستبقى هنا... حتى تنسى أنك بريء.
ثم خطّ:
– اليوم، بعد خمسة عشر عامًا، جاء السجّان يهمس: القاتل الحقيقي مات، وترك وصيّة يعترف فيها.
ضحك الرجل، ضحكة فيها وجع الدنيا:
– واليوم... يريدون مني أن أخرج، أن أتنفّس، أن (أبدأ من جديد). لكنهم لا يعرفون... أنني دفنت نفسي منذ زمن.
ثم كتب آخر جملة:
– أسوأ الذنوب... أن تُدان بذنبٍ لم ترتكبه، وتعيش عمرك تحاول تذكيرهم أنك إنسان.
وترك الورقة، دون توقيع.
سالم غنيم
حكواتي الوجدان الشعبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق