الأربعاء، 16 يوليو 2025

ق.ق/ صوت الصمت للأديب حكيم بوعابد

 «صوت الصمت»

كان سامي يجلس في زاوية الغرفة المظلمة، يعانق دميته البالية التي لم تعد تشبه شيئًا. منذ رحيل والديه في ذاك الحادث، لم يعد يسمع سوى صوت الصمت يملأ أرجاء قلبه.

كل ليلة، ينام على وسادة مبللة بالدموع، يحلم بأن أمه توقظه بصوتها العذب، وبأن أباه يبتسم له من باب الغرفة. لكنه حين يستيقظ، يجد الغرفة فارغة، والبرد يلفّه بلا رحمة.

حتى ضحكته اختفت، كأنها هربت مع والديه. لم يبقَ له سوى تلك الدمية الصامتة، شاهدة على أوجاع لا يفهمها إلا قلب صغير يتيم، تاه في هذا العالم الكبير وحده.

حتى تلك الدمية التي كانت تؤنس وحدته، سقطت من يده ذات ليلة وتكسّرت عيناها الزجاجيتان. نظر إليها سامي طويلًا، شعر أن قلبه هو الآخر قد انكسر معها.

احتضن نفسه في ركن الغرفة، والظلام يبتلعه رويدًا رويدًا. لم يعد لديه ما ينتظره، ولا من ينتظره.

في الصباح، حين دخلت صاحبة الملجأ لتطمئن عليه، وجدته ساكنًا تمامًا، مغمض العينين، ودمعة يتيمة متحجرة على خده الصغير.

رحل سامي عن عالمٍ لم يعرف فيه سوى الفقد، لعلّه يجد في مكان آخر صدرًا يحتضنه، ويدًا تمسح على رأسه برفق لم يذقه يومًا.

                             حكيم بوعابد...المغرب...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق