يا أيّها المغرور
يا من تكبّر واستطال بجهله --- ورأى الخصام علامة وشعارَا
وحجبت نفسك عن سماع حقيقة --- ورفعت في وجه الهدى أسوارَا
وجهلت أنّ الكبر يفضح أهله --- عند المآل ويكشف الأسرارَا
وتراك تكذب في بيان حقيقة --- تؤذي الحليم وتقتطف الأزهارَا
فتنال عند الله كلّ فضيحة --- يوم القيامة تحمل الأوزارَا
إنّي أعيذك يا جهول بغلظة --- منظومة زيّنتها أشعارَا
قد جاء في القرآن وصف مخبر --- تجد البريّة ذاهلين سكارَى
مرضى التّكبّر من غباء عقولهم --- عشقوا الظّلام وأطفؤا الأنوارَا
حجر بقسوته ببطن صدورهم --- وتراهمُ عند العلوم حيارَى
ما أنصفوا عند الخطاب خصومهم --- سلّوا عليهم قبحهم منشارَا
دعني أبيّن من صفات غبائهم --- وأسوق من وصفٍ لهم أخبارَا
هذي البدائع في التّكبّر والهوى --- والكبر دقّ الطّبل والمزمارَا
شغب على شغب يشتّت فكرهم --- قد هيّج الطّوفان والإعصارَا
اعلم أخي أنّ العلوم رسالة --- تهدي العقول إذا الجهول أغارَا
ما كان من نفعٍ بها يبدو لنا --- تاجًا على رأس الزمان منارَا
خير الخلائق من تراه مفكّرا --- متواضعا يجني العلوم ثمارَا
لا ينثني عن عزمه وطريقه --- تبدي الشّموس وتزرع الأقمارَا
يا أيّها المغرور خذ بنصيحتي --- إنّي نظمت من الكلام حوارَا
فاز الذّي عند الحقيقة فعله --- صقل العقول وأنجب الأبرارَا
يسعى ويشرح بالتّواضع صدره --- كاللّوح يحضن عنده المسمارَا
-
من البحر الكامل
شعر / محمّد هشام خليفي
من ديواني الثّاني : شَغَافُ القلب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق