خطى لا تُساوِمُ الريح
خطايَ…
تمضي على صمتٍ ثقيلٍ كالجبال،
تشقُّ الظلالَ قبلَ أن تولدَ الشمس،
وتترك خلفها وقعًا لا يُمحى،
كالنار التي لا تُذوبها الرطوبة،
كالحديد الذي لا يلين أمام صلابة اليد.
******
أمشي…
وأعرف أن الريح قد تهبّ على وجهي،
لكنها لا تملك أن تغيّر مسار قلبي،
ولا أن تكتبَ لي أمرًا جديدًا،
فخطايَ ليست مملوكةً للهواء،
ولا تُربط بالغياب أو بالحضور.
******
خطايَ…
تشدّ جسدي مع كل خطوةٍ جديدة،
وتخبرني أن الطريق ليس لعبًا،
ولا موضعًا للاختباء،
ولا مَتنفسًا للجبناء،
بل حلبةٌ للنار والظلّ،
ولكل ما يختبر الثبات.
******
أمضي…
وأرى في الرمادِ ما لا يراه الآخرون،
أرى في الفراغ وجهًا صامتًا
يعكس كلّ الجوانب المخفية من روحي.
وأعرف أن الصمت ليس هروبًا،
بل هو مساحةُ الالتقاء مع الذات،
حيث تولد الخطوة الصادقة،
حيث يُكتشف أن المشي بلا مساومة
هو اللغة التي تفهمها الروح وحدها.
******
خطايَ…
تتعلّم من الصخور صلابةَ المواقف،
وتتعلّم من الجمر حرقةَ العزم،
وتتعلّم من الليل أن الصمت ليس عجزًا،
وأن الريح مهما علت
لا تملك أن تحني الشجرة التي تعرف أصلها.
******
وأمضي…
حتى لو انطفأت الأنوار،
حتى لو غابت النجوم،
حتى لو هبت الريح على الجبال،
تظلّ خطايَ تسير،
كأنها وحدها تعرف سرّ الكون.
******
خطايَ…
تكتب في الرمل قصائدَ صامتة،
تفتح أبوابًا على ما خلف العدم،
تُعرّي وهمَ السكون،
وتزرع في القلب شعلات لا تموت.
******
أنا…
أعرف أن الخطوة التي لا تُساوم الريح
هي أكثر من مجرد حركة،
هي إعلان وجود،
هي صرخة صامتة،
هي جدار من نورٍ وسط العاصفة،
هي صبرُ النفس على اختبار الزمن،
هي الحرية التي لا تُقاس إلا بصدق القلب.
******
خطايَ…
لا تنحني للريح،
ولا تبتسم للظلام،
ولا تتراجع أمام الشك،
ولا تسقط أمام خوفٍ مؤقت.
كل خطوةٍ منها
حكايةٌ عن الصلابة،
عن الوضوح،
عن الالتزام بالعهد مع الذات،
حتى لو خذلني العالم،
حتى لو ضاعت الأصوات،
حتى لو بقيتُ وحيدًا في المدى.
******
وأمضي…
أسمع صدى خطايَ في الصخور،
أرى ظلّي يُكرر في الهواء كل تردّد،
وأعرف أن الخطوة الثابتة
هي ما يخلق معنى الوجود،
وما يجعل الإنسان إنسانًا،
ولا شيء غيره.
******
خطايَ…
تجعلني أقف أمام كل العواصف،
كأنّي من معدنٍ لا يصدأ،
كأنّي صوتٌ في قلب الريح،
كأنّي حافةٌ من نورٍ وسط الليل،
كأنّي جذرٌ في صحراءٍ عاصفة،
كأنّي أنا وحدي أكتب التاريخ بخطى صلبة.
******
أمضي…
ولا ألتفت للريح،
ولا أختبئ خلف الأصوات،
ولا أساوم على شعلة قلبي.
فكل خطوةٍ ثابتة
تخبرني أن الطريق ليس ملكًا لأحد،
وأن الحرية تبدأ حين يثق الإنسان بنفسه،
ولا يساوم على وجوده.
******
خطايَ…
تستمد قوتها من الصمت،
ومن ألم التجربة،
ومن وجهي الذي لا يعرف التراجع،
ومن القلب الذي لا يقبل غير الصدق.
تسير بلا خضوع،
تسير بلا خوف،
تسير بلا أي مراوغة،
وتعرف أن كل خطوةٍ منها
هي جزء من الحقيقة الأبدية:
أن الإنسان وحده من يقرر مصيره،
وأن الريح مهما علت
لا يمكنها أن تغيّر الخطوة الصادقة.
******
وأمضي…
وأرى في كل خطوةٍ أمامي
مزيجًا من الألم والفرح والرهبة،
وأعرف أن كل لحظةٍ من المشي
هي امتحانٌ للنفس،
وأن المشي بلا مساومة
هو أعظم مدرسةٍ للحياة.
******
خطايَ…
تظل ثابتة كحدّ السيف،
صادقة كالمطر على الجمر،
صامتة كالصخر،
قوية كالعاصفة،
وأمضي معها…
لا أنحني،
لا أساوم،
ولا أخاف.
******
وأعلم…
أن كل خطوةٍ من هذا النوع
تخلق إنسانًا جديدًا في داخلي،
تزرع أرضًا خصبة في قلبي،
تجعلني أرى الحياة كما يجب أن تُرى:
حرة، صادقة، بلا مساومة، بلا خوف،
خطوة وراء خطوة،
خطوة لا تُساوِم الريح.
بقلمي/زهرة بن عزوز
البلد/الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق