الرحيل
بقلم هاني عبد الرحمن
كان قلبي لا يعرف الكراهية لأحد و يحمل الحب لكل الناس لكن حبها كان من نوع آخر فكانت في قلبي مثل أحمد شوقي بين الشعراء فكانت أميرة قلبي و عين زبيده ثروت بين كل عيون الجميلات فكانت عيني التي أري بها الدنيا في أبهي أشكالها أو كالقمر بين النجوم كذلك كانت في عيني بين كل النساء فكان حبها من نوع مختلف لا أظن ان رجل آخرقد أحبه لأمرأه فكانت حب حياتي.
كنا متشابهين كأننا توأمان و لكن في تفكيرنا و ميولنا وفي ما نحب و ما لا نهوي حتي في هواياتنا فكانت ايضاً شاعره و أديبه و كانت بليغه في ما تكتبه و متميزه في ذلك كثيراً
و كانت خطيبتي و كنا قد تواعدنا علي الزواج و كنت أشعر بعيون كل من حولنا تحسدنا حتي أقرب الناس الينا و كأنهم أسكثروا علينا السعاده
الي ان جاء اليوم الذي أنكسرت فيه تلك الصوره الجميله التي قد نُحتت في قلبي و أكتشفت اني قد خُدعت في ذلك الحب كثيراً و ذلك حين ذهبت الي منزل خطيبتي في ميعاد زيارتي لهم فطرقت الباب ففتحت لي أختها الصغيره و حين دخلت كانت خطيبتي بصحبة صديقتها و عندما رأوني بدا عليهما التوتر الشديد و قامت خطيبتي بمحاولة اخفاء ورقه كانت بيدها في درج مكتبها وجذبت صديقتها الي خارج الحجره
و قالت لي : هيا نخرج نجلس بالصالون
فشعرت ان خطيبتي تريد ان تخفي عني شئ ما مكتوباً في تلك الورقه فتكرتهما يمران امامي و بسرعه قمت بفتح الدرج و سحبت الورقه و وضعتها في جيبي و قد تظاهرت باني اقوم بضبط ملابسي لأخفاء تأخري تلك الثواني
أستاذنت صديقتها منها و خرجت و كانت لا زالت يظهر عليها التوتر فجلست الي خطيبتي و سألتها ان كانت هناك مشكله فنفت ذلك
بعدما أنصرفت و عدت الي منزلي قمت بفتح الرساله و هي بخط يد خطيبتي و كانت تخاطب شخص آخر تعبر عن حبها الشديد له و انها ترغب في الأرتباط به و هي مستعده ان تتحدي العالم كله و تضحي بكل شئ من أجله
لم أصدق ما أقرأه وقلت في نفسي لا بد ان هناك شئ لا أفهمه فأتصلت بخطيبتي فوراً و طلبت مقابلتها لأمر ضروري و عندما قابلتها اخرجت لها الخطاب فأنزعجت جداً
و قالت : كيف تسمح لنفسك بتفتيش مكتبي و الأطلاع علي شئ أخفيه ؟!
فقلت لها : المشكلة الآن في ما كتبتيه في ذلك الخطاب و ليس في فتحي لدرج مكتبك و أظن انني خطيبك و هذا يحق لي ان اعرف عنكي كل شئ
قالت : يحق لك ان تعرف ما يخصني و ليس ما يخص صديقاتي فهذا الخطاب لا يخصني و لكنه لصديقتي طلبت مني ان اكتبه لشخص تريد ان تقنعه بالأرتباط بها و كان من غير المناسب ان يعرف عن ذلك شئ اي شخص
نظرت لها و لم اتفوه و لو بكلمه واحده
فقالت لي : ان كنت لا تصدقني فهذا رقم صديقتي يمكنك الأتصال بها و تسألها عن صدق حديثي
و أنصرفت مسرعه من أمامي
قمت بالأتصال بصديقتها و لكنها أنكرت ما قالته خطيبتي تماماً و أدعت ان خطيبتي هي من كانت ترسل ذلك الخطاب وانها قد استدعتها الي منزلها لكي تعطيه لذلك الشخص لانها عرفته عن طريقها فهو زميلاً لها في العمل
لكني لم اصدقها و اخبرتها ان ذلك غير ممكن و ان خطيبتي لا يمكن ان تفعل مثل ذلك ابداً و اخبرتها انني سوف اكشف امرها و محاولتها لتشويه صورة خطيبتي
فأخبرتني انها سوف تثبت لي صحة كلامها و لكن بشرط ان اخبر خطيبتي انها اكدت كلامها و بانه صحيح.
فعلت ذلك و أعتذرت لخطيبتي كثيراً عن ما فعلته حتي سامحتني
الي ان اتصلت بي صديقتها في يوم
و قالت لي : اذا اردت ان تتأكد من صحة كلامي اذهب الي كافتيريا كذا بعد نصف ساعه
و بالفعل عندما ذهبت وجدت خطيبتي تجلس الي شاب و يتبادلان الحديث فأتجهت اليهما مسرعاً و أول ما وصلت قمت بصفع خطيبتي علي وجهها بقوه حتي ان الدم بدأ بالسيل من فمها
فصرخ ذلك الشاب الجالس اليها في وجههي فأستدرت اليه و بدأت في ضربه عدت لكمات
في تلك الأثناء قد أنصرفت خطيبتي مسرعه الي منزلهم و بعد ذلك و بدلاً من ان اذهب الي منزلي لأغير ملابسي التي قد مزقت من أثر الشجار ذهبت الي منزلها و طرقت الباب بقوه حتي فتحت لي الباب أمها و ألقيت بخاتم الخطوبه في وجهها
و قلت لها : لا يشرفني ان ارتبط بابنتكما
و بعد فتره قصيره عرفت من صديقتها ان خطيبتي السابقه قد تم خطبتها الي نفس الشاب الذي رأيتها معه فبعدما فسخت خطبتي تقربت صديقتها لي و وقفت الي جانبي كثيراً لكي انسي خطيبتي السابقه و اتجاوز تلك المحنه
كان من الطبيعي ان احاول ان ارتبط بقناه اخري و ان ابدء حياه جديده محاولاً نسيان الماضي و لم يكن امامي انسب من صديقتها لكي ارتبط بها و بالفعل تم ذلك
و في يوم كنت في مكان قريب من الشركه التي تعمل بها خطيبتي الجديده و قد اوشك موعد انتهاء عملها فذهبت الي هناك و انتظرتها امام باب الشركه لأصطحابها الي المنزل رغم انها لم تكن تحبز اني افعل ذلك و لم اكن اعرف السبب و لم افكر فيه حتي فلم اكن احبها و لا اكرهها و لكنها كانت بمثابة المسكن الذي قد يستطيع ان ينسيني بعضاً من ألم فراق حبيتي فلقد رحل قلبي عندما رحلت عني خطيبتي السابقه و قد اخذت معها مني كل شعور يجده رجل نحو أمرأه
بعدما خرجت من العمل تفاجئت بي أمامها انتظرها لكن تعبيرات وجهها لم تخبرني انها كانت مفاجأه ساره لها و بدا عليها التوتر و حاولت ان نذهب بسرعه من امام الشركه و في اثناء ذلك رأيت الشخص الذي ارتبط بحطيبتي السابقه و تذكرت انه كان زميل خطيبتي الجديده في العمل و راودني الشك ان سبب عدم رغبة خطيبتي الجديده في ان اتي اليها الي العمل لأصطحابها لحرصها عدم رؤيتي لذلك الشخص لكي لا اتذكر الماضي
و كنت محق و لكن في نصف ظني الأول فقط
شيئاً ما دفعني الي الذهاب اليه فحاولت خطيبتي الجديده منعني من ذلك
فقلت لها : سوف اسئله سوال واحد فقط
و فقالت : لا تتحدث اليه
تحت اسرارها بدأت اشك في الأمر فأصريت ان اتحدث اليه
و عندما اقتربت منه نظر الي و كانه يحاول ان يتذكرني و نظر الي خطيبتي الجديده ثم عاد و نظر الي و عندما تذكرني ظن انني اريد ان اتشاجر معه فحاولت هو ذلك
فقلت له : لا اريد ان اتشاجر معك فلا داع لذلك و لكن اريد ان اسئلك فقط لماذا فعلت ذلك بي ؟ و اين عرفت خطيبتي؟
فسكت
و لكني عدت عليه السؤال مراراً و أستحلفته ان يجيبني و يقول الحقيقه
فنظر الي خطيبتي و سكت
فقلت لها : أذهبي الآن
فقالت : لن اذهب و اتركك معه وحدك
فصرخت في وجهها و قلت لها : انصرفي الآن
بعدما ذهبت بدأ يجيبني و ما سمعته منه بقدر ما كان صادماً لي لكنه ما شعرت به في داخلي انه الحقيقه رغم ان كل ما رأته عيني تؤكد عكس احساسي
فلقد قال لي : عندما رأيتني انا و خطيبتك في تلك الكافتيريا كانت تحدثني و تطلب مني ان ارتبط بتلك الفتاه التي كانت تقف بجوارك الآن بناءاً علي طلبها منها و قالت لي ايضاً انه ليس من الصواب ان اظل علي علاقه بها دون ارتباط رسمي و لكني اجبتها بأني لا تتعدي علاقتي بها سوي علاقة الزماله و هذا صحيح
فقالت لي خطيبتك السابقه : لكن صديقتي تؤكد ان بينكما علاقه و انك اوقعتها في حبك و وعدتها بخطبتها و الآن تهرب من وفاءك بوعدك
و في خلال محاولتي أقناعها بصدق كلامي و كذب حديث صديقتها جئت انت و حدث ما فعلت.
فقلت له ساخراً من كلامه : انت تقول الحقيقه فعلاً لهذا السبب قمت بخطبتها
فقال لي : من قال لك ذلك ؟؟ انا لم اخطبها
فقلت له : الفتاه التي كانت بجواري و هي الآن خطيبتي
فقال لي : اظن انك عرفت انها كذبت عليك الآن؟! وعرفت لماذا كذبت عليك
في تلك اللحظه لم أعرف بما شعرت بفرح لأن حب عمري لم يخدعني و كان طاهراً عفيفاً كما تصورته من يوم ما عرفته ام احزن لضياعها مني و فقدان ذلك الحب الي الأبد.
و ايقنت ان كلام حبيبتي كان صحيحاً و كانت صادقه و خطيبتي الجديده هي من كانت تخدعني رغم انها كانت من أعز صديقتها و كانت قريبه منها للغايه و كان من السهل معرفة موعد زيارتي لخطيبتي السابقه و أفتعال ذلك الموقف للأيقاع بينها و بيني لأنها تحبني و تريد ان ترتبط بي و لكن حب الدب الذي قتل صاحبه
#ليس_كل_من_يحبك_قد_ينفعك_فربما_شدة_حبه_لك_وتعلقه_بك_تكون_السكين_التي_تذبحك.
بقلمي هاني عبدالرحمن