----- أقبية القدر -----
في الأقبية السفلية.
حيث ينكسر شعاع الشمس الخجول.
ليعود كاسفا، إلى شمسه الكريمة.
ألقيت روحي الثائرة.
سجنت، تحت حكم القدر.
نزعت أزهارها البرية.
كي يدك الشيطان، ما بقي من زهوها.
تحت شباكه، بلا رحمة...
يفتح ألابواب المغلقة، منذ عهود.
ينطلق منها السواد مهللا.
منتشيا بالحرية الجديدة.
يتسابق كدخان المحرقة.
ليلتحم بليل الأقبية البارد.
و هاهي الورود البريئة.
تتساقط تباعا، على أرض الروح.
مختنقة، ليس من السموم.
بل من الغيظ ...
سجينة، هاته الأنا.
ترى بعين الخيال، تزاحم الذكريات.
تحت سماء القبو الرطبة.
تلقي الحرية سحرها البهي.
تحاول دحض الأشجان القديمة.
و لحن فيفالدي الشيطاني.
المنبعث من أنين الأرواح المقيدة.
يمارس ساديته المقيتة.
أضحت الرقصات شاحبة.
بلا نشوة و لا عنفوان.
مفرغة من كل المشاعر.
كمذبح هجره القداس.
فقط، نظرات الشر الزرقاء.
يعتليها المكر القديم.
تعكس غل الأرواح المسجونة.
و الأنفاس العائمة...
لا شيء يتريث أبدا.
في رسم الأغلال الباردة.
و هي تلتهم البقايا.
تنفثها بين الثقوب.
دخانا ناصعا، بلا خطيئة.
يحاول عبثا أن ينفلت.
من هذا العالم السفلي.
يبحث عن أيد ناعمة.
تعيده إنسانا من جديد.
تخيط جراحه العميقة.
و ترجع روحه الأسيرة.
يملؤني إحساس الوجع.
و التيه من كل الجوانب.
يهجرني الحاضر الكبير.
لتحتلني شذرات الماضي.
و كل التفاصيل الهامشية.
متى سيذوب هذا الركام ؟
المتلبد بين العروق.
القابع وسط ذرات الضباب.
يحيل بياضه سوادا.
متى سيعود ذاك الطائر ؟
الذي صادقني يوما.
و كتب عهدا على الجبين.
بأن يعود حاملا صوت الرعد.
في طيات نايه الطيب.
ليغسل سماء الأقبية.
و يكسر قضبان السجن.
يأخذني معه لأرض خصبة.
هواؤها النسيان...
لا وجوه أبدا هناك.
لا دم يسري في الأطراف.
حتى لا يمتص مجددا.
سنبني معا، جدارا من رصاص.
لا تعبره الأجساد البغيضة.
أو الأرواح التي لازالت تنزف.
حبا في الانتقام.
تصدح النواقيس من داخلي.
تذكر ألف معبد، بميعاد الصلاة.
تكتب عقود السلام.
و كلمات حب، قديمة.
ما عدت أذكرها الآن.
نفسي متصدعة، كجدار أثري.
روحي تتخبط، في كل الأكوان.
تكسر القيد ليلا.
بلا علم مني...
لتعود صباحا كاسفة خجلا.
تدفعها أكداس من الأرواح الخائفة.
الهاربة من المقبرة الخلفية.
عديدة هي أحلامي.
كثيرة ذكرياتي، في كل عهد.
لا شيء يعادل أيامي العثرة.
و لا كلماتي الشاحبة.
المتراكمة في هذا الركن.
يلفها رعب غامض.
أصله أبدي، خلق مع الأرواح.
منه تفرق كل الحزن.
و تشوشت منه أنغام الملائكة.
منيعة حريتك، يا شمشون.
و أنت ميت مسبقا، في رأي القدر.
و السماء الفسيحة فوقك.
تحسبها جهلا، ملاذا لروحك.
أما هي، الغادرة...
ليست إلا إمتدادا بغيضا.
لسماء الاقبية القاهرة.
@ محب الحكمة @