الخــائــنـــة
بقلم د.عبد السلام حمد
طلّت تميس بقدها عند الضحى
كالشمس تخفر في ربى عليائها
فتبعتها حتى وقفت ببابها
وعرفت من أي الظباء فصيلها
وطلبت منها الوصل حين سألتها
فتبسمت والسحر في قسماتها
ثم اتفقنا أن نكون لبعضنا
وبدأت أحلم باللقاء وضمها
ولكم أتيت لكي أقبل بابها
والشمس مازالت تنام بخدرها
يا ويح قلبي هل جننت بحبها
حتى أساهر في الدجى شباكها
حموية والسحر بعض صفاتها
ويفوق ربّات الجمال جمالها
وتفنن الخلّاق في ابداعها
لاسيما في خلق سحر عيونها
أحببتها حب الرضيع لأمه
ونذرت عمري كله لرضائها
وطريقها بالياسمين فرشته
وبكل أصناف الورود لأجلها
وتملكت كل الجوارح والحشا
مني وقلبي هائمٌ في طرفها
فعشقتها عشقاً يفوق خيالها
وظننت أني قد ملكت فؤادها
عيناء ترديني قتيلاً كلما
مرّت وترشقني سهام لحاظها
إني بها هيمان أتبع خطوها
وتنام أجفاني على أجفانها
ويهزني منها تثني خصرها
والراح في سحر اللمى بشفاهها
واللؤلؤ المكنون يسكن ثغرها
والخمر والشهد المصفّى رضابها
كم همت في الظلماء يحرقني الجوى
لو أنني في اليوم ما أبصرتها
عيناي إن شطّ المزار لبرهة
تبيض من كثر البكا لغيابها
وإذا الهموم تزاحمت في خافقي
في كهف ذكراها ألوذ وحبها
وأنا المتيم بالجمال وسحره
ومفاتن الحور الحسان وعطرها
يا للشريعة(1) ما علمت بأنها
فيها الظباء تجمعت بفتونها
وتألق السحر الحلال بكتفها
وبأنها نَسَجً الجمالُ بهاءها
والبيلسان (2) يصبُّ فيها خمره
والغيد تنشر في المساء عطورها
آواه يا كتف الشريعة(3) والهوى
أمسيت لي رغم الجوى محرابها
فكم التقينا في ربوعك والدجى
ونجومه تبني عليك خيامها
كانت تقول بأنني أحداقها
وفؤادها وذكاؤها وحياتها
وأنا أظن بأنها معشوقتي
وبأنني بدر الدجى بسمائها
وبأنها شلال وردٍ عاطر
والمسك والريحان من انفاسها
وإذا فضيض الماء لامس جلدها
أخشى عليها أن يُخَدّشَ جلدها
أو لامست عند السحور نسيمة
الفلّ والنسرين في وجناتها
كانت ملاكي والبراءة تاجها
وظننت أن الطهر بعض خلالها
وأنا بسيطٌ .. ساذجٌ .. من قرية
غير البساطة و المكارم ما بها
صدقت كل كلامها ودهائها
وسكرت من طيب النبيذ بكذبها
كم أقسمت أني الوحيد بقلبها
وبأنني.. وبأنها.. وبأنها..
يا ليتها غير الحقيقة ما روت
يا ليتها..يا ليتها.. ياليتها..
لكنني ما كنت أعلم أنها
ظبيٌ لعوبٌ والخيانة شرعها
واليوم أنيٍ قد رأيت حبيبتي
يا ليتني قد مت حين رأيتها
فرحا يغازلها حبيبٌ آخرٌ
وهما على كتف الشريعة ويحها
الغيرة العمياء جنّ أوارها
في خافقي وهرعت صوب مكانها
ليلايَ من هذا فقالت يا فتى:
هيا انصرف ليلاك باعت قيسها
إرحل وإلا قد جمعت لك الورى
ماذا تريد وقد تغير لونها؟
فمغفّل- يا ويح قلبي- كم أنا
بسذاجةٍ قرويةٍ .. صدقتها
بل كيف يرميني الهوى بشباكها !!
وتذلني بين الورى بدهائها
أواه من ختل المهاة وكيدها!
إن الخيانة والخساسة طبعها
لو لم أكن في مقلتيها مدنفٌ
لقتلته.. ببساطة.. وقتلتها
لكنني بالرغم من أفعالها
مازالت أعشق كذبها وأحبها
د. عبد السلام حمد
سوريا
1. الشريعة: واحد من أرقى الأحياء بحماة
2. البيلسان: مقصف يطل على العاصي
3. كتف الشريعة: كورنيش يطل على العاصي وبساتينه الخلابة
بقلم د.عبد السلام حمد
طلّت تميس بقدها عند الضحى
كالشمس تخفر في ربى عليائها
فتبعتها حتى وقفت ببابها
وعرفت من أي الظباء فصيلها
وطلبت منها الوصل حين سألتها
فتبسمت والسحر في قسماتها
ثم اتفقنا أن نكون لبعضنا
وبدأت أحلم باللقاء وضمها
ولكم أتيت لكي أقبل بابها
والشمس مازالت تنام بخدرها
يا ويح قلبي هل جننت بحبها
حتى أساهر في الدجى شباكها
حموية والسحر بعض صفاتها
ويفوق ربّات الجمال جمالها
وتفنن الخلّاق في ابداعها
لاسيما في خلق سحر عيونها
أحببتها حب الرضيع لأمه
ونذرت عمري كله لرضائها
وطريقها بالياسمين فرشته
وبكل أصناف الورود لأجلها
وتملكت كل الجوارح والحشا
مني وقلبي هائمٌ في طرفها
فعشقتها عشقاً يفوق خيالها
وظننت أني قد ملكت فؤادها
عيناء ترديني قتيلاً كلما
مرّت وترشقني سهام لحاظها
إني بها هيمان أتبع خطوها
وتنام أجفاني على أجفانها
ويهزني منها تثني خصرها
والراح في سحر اللمى بشفاهها
واللؤلؤ المكنون يسكن ثغرها
والخمر والشهد المصفّى رضابها
كم همت في الظلماء يحرقني الجوى
لو أنني في اليوم ما أبصرتها
عيناي إن شطّ المزار لبرهة
تبيض من كثر البكا لغيابها
وإذا الهموم تزاحمت في خافقي
في كهف ذكراها ألوذ وحبها
وأنا المتيم بالجمال وسحره
ومفاتن الحور الحسان وعطرها
يا للشريعة(1) ما علمت بأنها
فيها الظباء تجمعت بفتونها
وتألق السحر الحلال بكتفها
وبأنها نَسَجً الجمالُ بهاءها
والبيلسان (2) يصبُّ فيها خمره
والغيد تنشر في المساء عطورها
آواه يا كتف الشريعة(3) والهوى
أمسيت لي رغم الجوى محرابها
فكم التقينا في ربوعك والدجى
ونجومه تبني عليك خيامها
كانت تقول بأنني أحداقها
وفؤادها وذكاؤها وحياتها
وأنا أظن بأنها معشوقتي
وبأنني بدر الدجى بسمائها
وبأنها شلال وردٍ عاطر
والمسك والريحان من انفاسها
وإذا فضيض الماء لامس جلدها
أخشى عليها أن يُخَدّشَ جلدها
أو لامست عند السحور نسيمة
الفلّ والنسرين في وجناتها
كانت ملاكي والبراءة تاجها
وظننت أن الطهر بعض خلالها
وأنا بسيطٌ .. ساذجٌ .. من قرية
غير البساطة و المكارم ما بها
صدقت كل كلامها ودهائها
وسكرت من طيب النبيذ بكذبها
كم أقسمت أني الوحيد بقلبها
وبأنني.. وبأنها.. وبأنها..
يا ليتها غير الحقيقة ما روت
يا ليتها..يا ليتها.. ياليتها..
لكنني ما كنت أعلم أنها
ظبيٌ لعوبٌ والخيانة شرعها
واليوم أنيٍ قد رأيت حبيبتي
يا ليتني قد مت حين رأيتها
فرحا يغازلها حبيبٌ آخرٌ
وهما على كتف الشريعة ويحها
الغيرة العمياء جنّ أوارها
في خافقي وهرعت صوب مكانها
ليلايَ من هذا فقالت يا فتى:
هيا انصرف ليلاك باعت قيسها
إرحل وإلا قد جمعت لك الورى
ماذا تريد وقد تغير لونها؟
فمغفّل- يا ويح قلبي- كم أنا
بسذاجةٍ قرويةٍ .. صدقتها
بل كيف يرميني الهوى بشباكها !!
وتذلني بين الورى بدهائها
أواه من ختل المهاة وكيدها!
إن الخيانة والخساسة طبعها
لو لم أكن في مقلتيها مدنفٌ
لقتلته.. ببساطة.. وقتلتها
لكنني بالرغم من أفعالها
مازالت أعشق كذبها وأحبها
د. عبد السلام حمد
سوريا
1. الشريعة: واحد من أرقى الأحياء بحماة
2. البيلسان: مقصف يطل على العاصي
3. كتف الشريعة: كورنيش يطل على العاصي وبساتينه الخلابة