الجمعة، 3 أغسطس 2018

Hiamemaloha

(رَحِمَ الله أُمِّي)
                  (رثاء)
بقلم الشاعر أحمد العمراني 

لَكَ الحمد لا يَحْصي لَهُ العدّ حاسبُ
لك الشّكر ما نادى بإسمكَ تائبُ

لك الحمد أنتَ من بأمّي وصَلْتني 
وفي سُبُلِي مليون مليون حاجبُ

فلا كُلّ مشتاقٍ يلاقي حبيبهُ
ولا كل من يهوى المدامةَ شاربُ

فلا تخشَ مكروهاً إذا نزولَ البلا
مع الصبر في خيرٍ تسيرُ العواقبُ

أخذنا يدَ الأسبابِ قُلْنا لربَّما
تُدَاوي مِنَ اسمام الأفاعي العقاربُ

بيومينِ أمراضٌ بأمي تَنزَّلَتْ
لحتَّى عجزْنَ عن دواها الطَّبائبُ

فحالاً دعتْ باسْمي تَرجَّتْ رفاقها
يصِلْنَ نداها  لي لحتّى أجاوبُ

 وحالاً سمعتُ رنَّةً صوت هاتفي
وفي وقت قلبي نابِضٌ مُتَضَاربُ

وفي الوقت ذَا دقَّات قلبي تزايدتْ
بقلبي كأنْ حلَّتْ عليَّ المصائبُ

صرخْتُ بخوفٍ إذ سمعتُ رنينهُ
بليلٍ كأن هلّتْ عليَّ المضارب

ضَربْتُ على رأسي يساري وألتوت
يميني الى الجوال كي أن أجاوبُ

فإذْنا بصوتٍ خافتٍ مزَّقَ الحشى
ومن بين أصوات البواكيَ شاحبُ

فما إن سمعتُ صوت أمي فرائصي
رقلْنَ كأنْ حلَّتْ  عليَّ النَّوائب

أذا؟ صوت أمي ويْلها من مصيبةٍ
وَيَا قهر قلبي في بُعادي المصائبُ

كأنْ  أثْخنتْ جراح  قلبي  وعلَّقتْ
فؤدي  بكُلَّابٍ  مِنَ  النَّارِ لاهبُ

لَبسْتُ نِعَالي ثمَّ شّديتُ مأزري
مشيت فلا أدري إلى أين ذاهب

ضللْتُ طريقي حينما كنتُ حائراً
الى حيث ما يهدي الحيارى المراقبُ

فألهمني ربّي بِبَاصٍ ركبتهُ
الى حيثُ شا ربّي تَسيرُ المراكبُ

تنقّلْتُ من باصٍ الى ضهرِ سيْكلٍ
لحتّى وصلتُ والمدامع ساكبُ

لكمْ كنتُ مشتاقاً لنشقِ عبيرها
وما كلّ مافيهِ المدامةَ شاربُ

وصلْتُ وكانتْ في سريرِ عنايةٍ
وبالأكسجيناتِ التّنفّسِ نائبُ

على البعدِ من بعدي وقربَ رحيلها
قربتُ على حينٍ  من البعد عاقب

فضمَّيْتُها حتّى تدفَّقَ دمْعنا
وحتّى تعالتْ بالنَّحيبِ التَّرائبُ

ولكن متى في حال ما حال بيننا
بمفترقِ الأحبابِ والأهلِ حاجبُ

فمدَّت بكفيْها تمسِّحُ دمعتي
تقول بُنَيِّي رافقتكَ المناقبُ

لمكتوب ربي أنتَ لسْتَ بناقضٍ
ولم تردْ بالدَّمْعِ ما اللهُ كاتبُ

تيقَّنتُ أنَّ الموت لاشكَّ نازلٌ
متى ما عجزنَ عن دوها الطَّبائبُ 

ولما سمعتُ الرّوح في الصدرِ حشْرَجَتْ
تيقَّنتُ أنَّ الموت لاشك ناهبُ

فَتَشْهَدُ أنَّ الله  لاربّ  غيرهُ
وماتتْ على التَّو حيدُ والله واهب

فماتتْ على تقوى وفي خيرِ ليلةٍ
وفي ليلةِ القدرِ الممات مراتبُ

فكانتْ على وجهٍ وضيئٍ وناطعٍ
يدلُّ على الطاعاتِ بِاللّهِ راهبُ

كأنَّهُٰ نورٌ صاطعٌ يملأ المدى
كأنْ أشرقتْ بين النجومِ الكواكبُ

وأعمارُ كلّ الخلْقِ في عِلْمِ خالقٍ
متى ما انقضتْ ما ثمَّ للموتِ صاحبُ

فكانت تقوم الليل في كلِّ ليلةٍ
لحتَّى أتاها الموت والعقل ثاقبُ

وتدعو بجوف الليل أثنا خشوعها
ثباتا  على التوحيد ربَّـاً تطالبُ

 تغشَّاكِ رحمـٰنٌ بأوْسَعِ رحمةٍ
تصلْكِ ظلالٌ  فوق ظلٍ سحائبُ

وما حلَّ فيما حلَّ ما حلَّ من ردى
كأن فوق رأسي نازلاةٌ قواضبُ

فمن بعدما حلَّتْ أشدّ مصيبةٍ
بأمّي لقد هانتْ عليَّ المصائب

تركـتِـنَـنِي أُمَّاهَ في كهف مظلمٍ
كأني وفي داري مع الأهل عازبُ

لقد أظلمتْ كُلّ الدّروبِ وأقتمتْ
كأنْ في مساري غاشياةٌ غياهبُ

وفي خنْدقِ الكربِ اصْطَليْتُ فراقها
فلا العيش يحلولي ولا الكرب ذاهبُ

تمنيتُ لو أَنِّي بمنْ مات قبلها
وإلّا لها في ذَا المصير مُصَاحِبُ

فعيني على نورِ الحياةِ مسهَّدٌ
وقلبي على جمرِ الفراقِ مُناوبُ

وروحي لقد تاقتْ إلى الموتْ بعدها
لموت النَّوى أشهى من العيش نادب

ولو  تُفتدى الأرواحُ كنتُ فديتها
ولو طُلِبَتْ روحي فداها لواهبُ

ولكن قضاء الله ليسَ براجعٍ
فعمَّ قضىٰ.أيُّ المخاليق هاربُ

طرقتُ على بابِ الرّجاءِ توسُّلاً
فمن ذَا لذي إن دقَّ بابكَ خائبُ

لتسبلْ عليها جود عفوك سرمداً
وترحمْ ضعيفا جود عفوك طالبُ

وتطهيرها من كل ذنبٍ وزلةٍ
لأرجوكه والعفو عنها مصاحبُ

رضائكَ يا ربِّي لها خيرُ نعمةٍ
إذا ما التقتْ بين النعيمِ الحبائبُ

فلا مفلح دون ارتضاك بكاسبٍ
ونائلْ رضاك  حالفته المكاسبُ

ويارب  فارحمها وفرِّجَ  كرْبها
ووسع عليها  قبرها لا  يُكارب 

ويوم الحساب والسجلّات وزّعتْ
تجاوز عنها بالحسابِ المحاسبُ

وهَيِّئ لها في جنَّةِ الخلدِ مسكناً
فثَمَّ تُسلِّيها الحسانُ الكواعبُ

وأن تسقها من حوض طـٰه وتروها
 فمن كفِّه حقَّا. لتصفو المشاربُ

عَلَيْكِ  سلام الله في كلِّ لحظةٍ
يصلْكِ غزيرٌ مثل غيثٍ سبائبُ

أحمد العمراني
اليمن
٢٧/رمضان/١٤٣٩هجري

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :