لم تكن أوهام
بقلك الكاتبة إسلام محمود النويري
تخاطب نفسها
لا أدري ما هذا الإحساس الذي أعيشه هل حقا صدق إحساسي؟
تمضي يومها بتكاسل.. حيث أنها أنهت جامعتها وبقيت جليسة المنزل!!
تمضي أيامها متشابهة لا شيء جديد… لكن! ما هذا الإحساس الذي أرهق كيانها.. لم يبد منه شيئ يدل على ما تشعر به .. أم هي مجرد أوهام؟؟ لا تدري فقط تريد أن تطرد ذلك الإحساس لا غير
_ تبا لك .. وما يدريك إحساسي؟؟ انصرف عني لقد سببت لي الأرق..
لقد أربكت حياتي.
تمضي الأيام وكل يوم كان شبيها بما سبق لا جديد… إلى أن أتى ذلك اليوم الذي لم تكن تتوقعه.. بينما كانت تهم أن تسلم على عمتها التي جاءت للتو استرق سمعها كلاما وكأن سكينا طعن فؤادها.. لقد صدق الإحساس ..سمعت ذلك الحوار الذي بين أمها وعمتها ووقفت متجمدة مكانها لا تقوى على شيء..أحست وكأن دلو ماء بارد قد انسكب على جسدها ..
_ أتدرين بأن محمدا يريد هدى وأمه ترفض ذلك..هكذا أول ما سمعته
_ نعم أنا أعلم ذلك لكن هدى لا تعلم..
_ لقد أتاني البارحة يشكو لي من والدته.. وأنها تقف في وجه سعادته وترفض هدى.. تريد أن تجبره على فتاة أخرى لا يريدها..
لم تدر ماذا تفعل؟ لا تعلم ماذا تقول وكأن السعادة ضدها.. ها هي تتلقى الطعنة من أقرب الناس إليها..
فأصبحت كبلهاء تدور حول نفسها في غرفتها.. وتقول
_ لقد صدقت إحساسي.. لكن حبه لي سيكون سبب تعاستي.. وكيف وإن جاهد لأجل حبه وكنت نصيبه.. هل سأنال رضا أمه أم سيكون ويلا علي ّ.. سأكون عدوها اللدود..
هكذا هو المجتمع يريدنا أن نعيش كما هو يريد وليس كما نحن.. على حساب سعادتنا يرسم سعادته ..
مضت الأيام..وجاء اليوم الحاسم. ذلك اليوم الذي تمنت هدى لو تنام نومة أهل الكهف ولا تستيقظ.. تنام الدهر ولا تقوم
لم يكن محمد وفيا لحبه.. لم يجاهد لأجل أن ينال تلك التي أحبها فقد فرضت أمه قرارها..
وهي من اختارت أميرته التي ستجعلها على عرش قلبه رغما عنه.. سستوطنه وتكون تلك ملكته مكرها..
ما أصعب الأقدار التي نُجبر عليها مغرمين.. تعاسة وخوف وخذلان..
لماذا في مجتمعي لا احترام للحب.. يقع الطرفان ضحية جهل أهل..أليس ذلك وصية الحبيب.. حينما أوصى بالنكاح للمتحابين..
تسير الأيام وبدهاء تستمتع وهي ترى فؤاد هدى المكلوم.. تخرج لمجتمعها قوية وما إن تتقوقع بنفسها حتى تجهش بالبكاء.. فهي مجبرة على مشاركته فرحه.. مكرهة على ذلك
وفي وسط معتركها مع الآلام .. والأيام التي قضت على بهجتها..
جاءت تلك اللحظة التي تهابها.. فقد دعوهم لمشاركتهم فرحه على تعاستها..يرقصون على موت قلبها.. يضحكون في عزاء أوجاعها..يغنون في جنازتها ..تتعالى ضحكاتهم وقلبها قد دفن في مثواه الأخير.
مرغمة على الذهاب… وماذا بيدها أن تفعل..لم تعلم أمها أنها كشفت السر الذي يظنون أنها لا تعلمه..
كانت تتجهز وتضع لمستها الأخيرة حينما نظرت لنفسها في المرآة فأصاب قلبها نخزة ألم ..حينما تذكرت أنه من المفترض أن تكون هي عروس اليوم… ترتدي فستان زفافها .. تزف لفارسها..لكن وماذا تفعل بمجتمع بكره أن يرى سعادة في قلوب أبنائه؟؟
تخاطب نفسها :
-لا بأس سأكون قوية خلال تلك الساعات لئلا يرى أحد ضعفي.. لا أريدهم أن يروا ألمي..
كانت الساعات تمضي ببطء.. الوقت لا يريد أن ينتهي..حينما التقت عيناه بعيني هدى.. وكأن الألم يأبى أن يفارقها.. تريد أن تهرب لكن لا مفر ..
فُرض عليها أن تكون في مكان لا يليق بها..
رأت في عينيه الألم.. قرأت فيهما حبه الذي بقي رغم وجود أنثى ثانية لكن تبا لتلك الحياة التي تفرض التعاسة على أبنائها..
إسلام محمود النويري