رسائل امرأة عابرة
بقلم الأديبة فاديا الصالح
كتبت لك مرات عديدة و لم أتلقَ ما يروي ظمأ حنيني إليك .
كتبت لك عن ذروة سنام الألم في بعدك عني .. و كتبت عن وحدة الروح و انفصالها عن المحيط ..كأنها تقبع داخل دهليز لا قرار فيه..
سطرت لك مع كل حرف أشواقا حية لا أظنها تموت أبدا.. تناشد دروب الربيع لتحملك لي في ساعات الفجر الأولى ... تعج برائحة الحياة التي طالما حَلِمَ فؤادي بها ....
حملتُ تلك الأحرف المنسابة عطرك الذي لا يغادرني ... و ألبستها تيجانا من نورك الذي يخترق مسامات جسدي ..
كتبت لك -يا صديقي- عن تلك التلال و هي تعانق خيوط الشمس الأولى بلهفة الملتاع ..
و عن هذه البيادر و هي تحكي للعصافير قصة حبنا لحنا..
و عن أعواد السنابل التي تتمايل
مع معشوقتها الرياح بأنغام تمتع مسامع الطبيعة ...
و عن بوح علقته على جدار العمر زمناً واهياً...إلى أن استعمرته غبار السنين ..و استباحت قداستهُ..
لا أدري -يا صديقي- لِمَ نأت دروبنا بلا وداع ؟
و لم تجاوزنا الربيع فجأة ؟.. و قلبي لا يزال وابله يمطر داخلي حنينا ؟
لم أعد أشعر بدفء صوتك .. لم تعد ابتساماتك تسقط في جوفي فرحا...
أكتبُ إليكَ و حنيني يجترح ما تبقى مني ..
و حنيني يحفر أوقاتي بالظنون.
كيف أصبحتُ فجأة امرأة تسكنها قوافل الأحزان و تلعب على عتباتها الأوهام ..امرأة هشة متهتكة .. يملؤها الدخان والضباب و السراب..؟
أكتب إليك وأنا بقايا لامرأة من حنين لا تعي الإ شعور سطا في القلب و انتثر ...
فاديا الصالح