قصة قصيرة
"ضحية مشاعر مزيفة"
بقلم الأديبة ناديا لعروصي
على مشارف الروح المهترئة يركن شبح الأشجان، على ضفاف نبضات الفؤاد تتأرجح سرابيل الألم لترخي حبال الوجع وتنثر ذراته على ومضات رنين الحزن.
استفاقت "سارة" على حلم مزعج ،ضربة موجعة وصفعة قوية حين ألقت بها الظروف بين أحضان ذئب بشري سلبها براءتها واغتصب عذرية مشاعرها الرقيقة وأحاسيسها المرهفة، وحش آدمي خال من مشاعر الرحمة ومجرد من كل معاني الإنسانية.
شاءت الأقدار أن التقت به في إحدى الرحلات المنظمة خارج الوطن التي أشرفت على تنظيمها إحدى الشركات السياحية وكان على متن تلك الرحلة.
كانت رحلة ممتعة وشيقة ومرت في ظروف غاية في الروعة، تعرفا على حضارة تلك البلدة وزارا عدة مآثر تاريخية واستمتعا بطقوسها وعاداتها وتعرفا على بعضهم البعض وكونوا فيما بينهم علاقات صداقة رائعة .
كانت رقيقة ، رفيعة الروح ،نقية الضمير تجمع مابين النبل وصفاء الذهن إلى جانب قلبها الطيب ،حسنة الخلق والخلقة ، لفت نظرها وخطف قلبها منذ الوهلة الأولى بفضل ذكائه ودهائه
"سامي" شاب قوي البنية، بهي الشكل ،ذكي في استجلاب العديد من الفتيات واستقطاب الجميلات منهن و إغوائهن وكسب قلوب حتى من يكبرنه سنا ذوات مناصب مرموقة في المجتمع من مثقفات، وصاحبات مراكز عليا يتلاعب بمشاعرهن وبعدها سلب بعض من ممتلكاتهن ، كان طويل القامة يجمع بين الوسامة والوقار تخاله ذو شأن لامجال للشك في نواياه ولا أحد يتوقع منه خبثا أو حتى اكتشاف مرامه ولا مايحمله في طياته من شرور دفينة ونيات مبيتة.
تهفو النفوس للقائه أو الالتقاء به في عدة مناسبات يرمن إليه بكل طواعية . لايترك أي فرصة سانحة للانقضاض على ضحاياه ،كان شديد التفنن في الإقناع والسيطرة على قلوب العذارى منهن باسم الحب ، ينتقيهن بكل فنية واحترافية ، ذو نباهة فطرية يفرض سلطته وتحكمه على كل من التقى به حتى يصبح طوعا لأمره ، دقيق في حواراته وجلب الأنظار إليه بمواضيعه الجادة وشد انتباههن دون هواهن ، ماإن يود قلب مجرى الحديث يسافر بك إلى عالم من الأحلام ويبحر بك في عوالم سحرية ،يتحدث عن مجموع سفرياته ومغامراته خارج الوطن وذاخله ، تحذوه رغبة قوية في الولوج إلى ذواخل كل منهن والتعمق في أسرارهن وبكل عفوية وتلقائية فتجدهن يسترسلن في إفشائهن ، يشعرن بالاستمتاع بالتحدث إليه والإنصات بكل تمعن للباقته المعهودة وأحاديثه المشوقة ومن هنا تبدأ لعبته الحقيرة في إسقاطهن في شباكه.
هي الصدفة المحضة ،كانا على موعد بإحدى المطاعم ولحسن حظها التقت بإحدى صديقات الدراسة صحبة زميلة لها في العمل ما إن رمقها حتى عاد أدراجه بعد أن دبت على ملامحه بعض علامات الارتباك انسحب في صمت متعللا بموعد مهم ولقاء هام مع شريكه في العمل. كانت طبعا إحدى ضحاياه ممن أمطرهن بكلامه المعسول ووعوده الكاذبة وعهوده المزيفة ما إن حقق وطره وبلغ مرامه حتى انقطعت أخباره وغير رقم هاتفه وتوارى عن الأنظار وغير كل الأماكن التي كان يرتاد عليها من حين لآخر.
استرسلت الفتاة المسكينة في سرد احداث قصتها وحكايتها مع ذاك المخادع لازلت جروحها تنزف ولم تندمل بعد ، بعد أن خيب ظنها وخذلها . صعقت بحقيقته و تأكدت بعدها من مصادر موثوقة وعلمت بكل تلاعباته وقصصة الغرامية المتعددة ومغامراته أدركت حينها كم كانت مغفلة حين صدقت كل أكاذيبه وانبهرت بشخصيته المزيفة ووقعت فريسة سهلة في شباكه.
وهكذا هي المواقف وحدها أحيانا تكشف بعض الحقائق المبهمة وتسقط بعض الأقنعة وتزيل الزيف وتعري بعض التضاريس الملتحفة بالكتمان وتفضح حقيقة بعض الشياطين التي تتوارى خلف طهارة الملائكة.
بقلم " العروصي نادية"