ذاكـــرة الخــوف
بقلم د. المفرجي الحسيني
تتعرى ذاكرة الخوف في أحداق الموتى ،كنهر جارٍ يتخلف عن موعد اللقاء ،السواقي تصلح للملاحة ،دخلتُ موسم اللهب ،اقتحمتهُ بموتي ،تقدم الجائعون الحفاة نحو قريتي ،أسرجوها ،دخلتُ مع جثثهم أقاتل ،عند تخومها وقفت ،أحصي الدماء الذاهبة الى عمقها ،عشقتها ،تجمعوا حولي في أول الليل ،الارض جراح ،دخلت برج الكآبة ،أسندت بمرفقي جسمي على جثة ،الرياح مجنونة ،كانت قريتي نائمة ،جئت بحلمها مساء ،اهتزّت القبور ،ولتحيا القبور ،لبست كفني لِأكون راية ،عند تخومها لم أجد رأسي
بدأت منه وانتهيت في لا أحد ،رقصت مع موجات البحر ،حتى اختفى الزبد ،بيني وبين قريتي برية ،تخطاني العابرون ،كوني قتيل شريد ،الموت لا يأبه للجائعين ،مددت يدي في المقبرة ،افتش عن جسدي الجميل القروي ،أبحث عن أمي ،لا توصدوا الباب بعدي ،دمي موصول بتراب قريتي ،يأتي البؤساء نحوي ،ليتركوا نجمة في الظلام ،أسفاري كثيرة ،سهوا كانت قريتي، رأيتها تحترق ،كم يبكيها الميتون ،أطلقت جسمي عاريا في الهواء ،ثار الجياع من العطش والميتون من الحياة
اندثر الطغاة تحت انقاض القرية ،دمائنا راية ترفعنا ،ترفرف فوق الانقاض ،يستنهضنا ،ما أروع أن يموت المساكين ،يقطع الموت الكلام
المساكين كثار ،تتوحد الارض بهم ،قتيلهم جبل ،شهيدهم تحفظه الارض
لا شيء يبقى سوانا والقناديل...
**********
المفرجي الحسيني
ذاكرة الخوف
العراق/بغداد
26/1/2021