السبت، 23 يناير 2021

Hiamemaloha

طفلة الشهيد للشاعر أحمد سلمان

 طفلة الشهيد

بقلم ااشاعر أحمد سلمان

جاءت له لتقبله

 وتغفو بحجره لحظات 

كي ترتوي من حنانه

وقالت : 

اترك لي قميصك لتغطيني فيه امي

ليشعرني انك موجود ... حتى تعود

وصور اعلقها على الجدران

بل في كل مكان ...  لاراكا في كل زمان

لاني لا ارغب بكل لحظة تمضي او تأتي

وانت لم تكن موجود

ولا اهتم من دونك في نهار مشمس 

او ليل مقمر 

فأنت لي شمس وقمر

لم اجد شيء ولم احب شيء الا انت

وكل سعادتي عندما استيقظ  فأراك

يشرح لي صدري عطرك وهواك

وقالت يا من تردد بإسمه نبضات قلبي 

ويامن لم ينسه بالي حتى وانا نائمة

قل للوطن ان ابنتي رقية

اعطت كل جمال حياتها

 واملها  لثراك

فماذا ستعطيها انت

فتبسم واوتبسمت 

ووضعت كفيها الرقيقتين على خديه

وقبلته في جبهته 

وقبلها في فمها

ودمعهما يتلألأ فوق خدودهما

ومن ثم خرج 

وأراد ان يغلق خلفه الباب

 ولكنها ابت ذلك

امسكت بيدها اليسرى عروة الباب

واليمنى تارة تلوح بها لابيها

وتارة تكفكف بها دموعها

وعينيها يدققان خطواته

وكانت تنادي خلفه 

ابتي ....

ابتي ....

قصر بخطواتك ولا تعجل

 لاتذهب سريعا 

اريد ابقى ان اراك

يا والدي ونور بصري

ارى السماء

 بسحابها .. بشمسها ... بطيورها


 ... بحشراتها ... بهوائها

وكذلك ارى الارض 

بجمادها ... بخضارها ... بماءها .. بؤناسها

يركضن وراءك

وعندما اختفى عن مدى رؤيتها

عادت محدودبة الظهر 

تتعثر بخطواتها

مثقلة ... مهمومة ... مهضومة ... مكلومة .... موجوعة

تعلق الصور وتضع عند كل صورة باقة من القرنفل والسوسن

 وتشم القميص وتقبله

وكأنها لم تره مرة اخرى

وبقت على هذا الحال 

حتى جاء يوم نزوله 

والاشتياق له 

لم تنم طوال الليل

وصارت تشعر ان الوقت متوقف

وان الصبح لا يأتي ابدا

وكلما تسمع صوتا

تهرع الى الباب مسرعة لتفتحه الى ابيها 

ولكن لم تجده 

فتعود منكسرة 

ورغم المعانات انقضى الليل 

مابين دموع الشوق ودموع الفرح 

وجاء الصباح 

وطرق الباب الساعة السابعة صباحا

مع توهج الشمس

وزقزقة العصافير

وهديل الحمام

ونسمات الربيع المعتدلة في بوردتها

قدماها سبقن جسدها

وقلبها كاد ان يتوقف فرحا وشوقا 

لترى ذلك التابوت العظيم

ملفوف بعلم الوطن

ونظرت الى وجهه المبتسم 

وكأنها سمعته يناديها

تعالي ... تعالي

ياصغيرتي 

ياحبيبة ابيها

اريد ان اقبلك قبلة اخيرة

تبقى على خدك ذكرى جميلة

واريد منك قبلة تؤنسني وحشة القبر

فوقعت عليه وهي تنادي ودموعها تنهمر بغزارة

ابتي ... ابتي

فتحت الباب وانا فاتحة ذراعي

 لتحملني وتضمني الى صدرك

وارادت ان تقبله بالموضع التي تقبله منه دائما

ولكن وجدت الرصاصة قبلته قبلها

وعندها هلعت من شدت الحزن

مسكينة

فالوطن لم يرد جميلها

فلم تجد به لها

الا بيتا قديما لا يصلح للعيش

وعملا  في النفايات لتجمع قوت يومها 

 وكذلك إيجارا لذلك البيت العتيق

وبعد ما كانت ملكة في مملكة اباها

جميلة رقيقة شعرها كنعومة الريش

وابتسامتها العريضة

صارت  قبيحة ملابسها رثة ليس لها وقتا لتمشيط شعرها

وجهها شاحب

 حرقته حرارة شمس الصيف

وفطرته برودة الشتاء

رقية عراقية اعطت

الى وطنها هوية 

وثقتها بدم ابيها

لتبقى غريبة بدون هوية


احمد سلمان

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :