الفكرة !!
بقلم الأديبة قرشي يمينة
الفكرة كالنور الدفين يولد ضئيل في أذهاننا ... ويبقى يصول ويجول في مخيلتنا ، بحثا عن النضج و النمو ، ويعتبر المجهود الفكري للمرء هو العناية المركزة التي تتواجد بها الفكرة اثناء فترة تكوينها ، وما إن تكتمل الفكرة صارت كالزئبق تتكاثر و تتجمع في آن واحد ، بحثا عن مخاض تولد منه لتخرج للميدان .
وهنا يأتي دور المرء في استيعابها و القبول بها ، وانتظار الفرصة السانحة لإخراجها إلى النور ، كما نقول دائما فلان : انرنا بأفكارك ... أي أترك لذلك النور الدفين فرصة للخروج من قوقعتك .
والفكرة منذ لحظة انطلاقها ، يصبح لها معان و دلالات كثيرة و دوافع لكي تحصد الكثير من المعجبين الذين يؤمنون بها ، فليس هناك أسرع من الفكرة في الانتشار عبر الآراء إلى أبعد الحدود .
فالفكرة لا تعرف النفاق والكذب بل تبقى على حالها سواء كانت سلبية أو إيجابية ، ولا تقبل التغيير في الألوان ، فهي انحيازية يا إما بيضاء أو سوداء .
وللفكرة بداية وليست لها نهاية ، فقد تعيش فكرة وتعشعش في أذهان الناس ويمتد دورها حتى بعد موت صاحبها .
وهناك افكار قوية و عميقة ، ننجز منها ابتكارات مدهشة و نخترق الفضاء بمنافعها .
وبجانبها أفكار تعود بنا إلى الوراء ، وتهدم مدن وحضارات بأكملها .
وقد تكون الفكرة بريئة و تقمع بتعابير وآراء فكرية ، لا تمت لها بصلة ، فتشوهها وتجرها إلى الرذيلة .
وكم من أفكار جهنمية ، زينت ونمقت وأخذت تتصدر افضل المجالس و أعلى الرتب .
والفكرة لا تحتاج إلى الاتحاد بأفكار عديدة ، لتضمن نجاحها ،فكم من اناس اجتمعوا بأفكارهم ، ولم تزدهم الاختلافات في الأفكار إلا تعقيدا و ضعفا وانشقاقا .
وكم من فكرة لشخص واحد ، كانت سحابة كثيفة أمطرت غيثا نافعاً على الجميع .
ويا أسفي على أفكار ولدت وبقيت حبيسة أذهان أصحابها ، وخنقت غصباً قبل أن ترى النور ، وكانت تحمل في طياتها الكثير من الخيرات .
فالفكرة غير مسؤولة عن من يؤمن بها ، فالكل يجازى على حسب فكرته .
فهناك من يزرع بمعانيها حبا ، وهناك من يشعل باراءها حرباً .
فلنجعل من أفكارنا حمامة سلام ، اينما طارت نشرت السلم والأمان .
بقلم قرشي يمينة