الأربعاء، 26 مايو 2021

Hiamemaloha

أطفال وطني للدكتور المفرجي الحسيني

 أطـــفال وطـــني

بقلم د. المفرجي الحسيني

كلما أزفت ساعة الأصيل، ازددت حباً لوطني، كلما كان الأصيل صار كل شيء ذهبياً، أزقة بغداد، وجدران البيوت الشعبية، حتى وجوه الناس صارت ذهبية. العراق وطني، أمي بغداد، هل تنكر أنت ذلك، أنت، وذاك، وهي، دماؤكم الزكية يا أبناء وطني، أُهرقت على الأرصفة وعلى أسفلت الشوارع السوداء، سجون مظلمة وأبنية تحت الأرض، ومنافٍ في الصحراء، مُلئت بالشرفاء منكم. وطني العراق لا أنكر ذلك، وأموت صبراً، وفخراً أن أنتمي للعراق. لنبدأ الدرس أطفالي الأعزاء، سكوت، وطنكم ووطني ووطن آبائكم، العراق، ووطن كل الأجيال القادمة فلا تستغرب أن تموت مسجوناً، أو مشنوقاً، أن يهرق دمك، في الشارع أو في ساحة من أجل الوطن، من أجل حب الوطن. أطفالي، لطفاً سكوت، تلاحظون على هذه الخارطة. هذا الجزء هو الوطن، وهذا الجزء هم الأعداء. من بين جميع الرؤوس الصغيرة والأفواه الصغيرة والحدقات الصغيرة، التي تشع بضياء الحياة. ثمة طفل أجعد الشعر أسمر البشرة، صاح وهو واقف، يا معلمي من هم أعداء الوطن؟ أعداء الوطن، يا طفلي العزيز: من يخطف الخبز من أفواه الفقراء، من يُسجن مظلوماً في الأقبية والدهاليز، من لا يردم حفرة في شارع أو يبني داراً للأيتام، من يسمح للتتر والمغول والمماليك نهب خيرات الوطن، من يتاجر بأرزاق الناس، من يحمل هويتين، يبيعك في الهوية الثانية ببخس الأثمان، من ذبح أحمد وحسين على أرصفة الشوارع، وهدم الجوامع والكنائس، من حرم طفلاً رضيعاً من حليب أمه بعد هتك عرضها وذبحها في أطراف المدينة القذرة وغيرهم كثير يا طفلي العزيز. أعزاءي الأطفال علينا أن نعرف ونتعلم كيف نحب الوطن. انظر عند ساعة الأصيل ترى كل شيء ذهبياً، وجه أبيك وأمك وجيرانك وحتى جدران بيوت محلتك عندها تحب الوطن، ولكن انظر إلى السجن، بوابات حديدية، وسجَّان قبيح لذا تحقد على السجن، تمقته... أطفالي الأعزاء، أقلامكم الصغيرة الجميلة، تكتب لحب الوطن ولكنها تُغرز في قلوب أعداء وطنكم، سُماً زعافاً.. وطني... حبيبي الوطن الغالي، متسولون يملؤون الشوارع عند كل منعطف وساحة، والسجون والمشانق تعجز الأرقام عن عدّها، عجائز، وأرامل ويتامى بالآلاف.

أحبك يا وطني رغم مرارة العيش تحت سمائك وعلى أرضك، لأنك الدم الذي يسري في العروق، والهواء الذي أتنفس. هذا وطننا ولا أحد ينكر ذلك، فقرٌ، وجهلٌ ومرضٌ، وفقير يأكل خبزاً متعفناً من شدة العوز، ظلمٌ، وغلاءٌ، ورشوةٌ، وجريمة، وجاسوس يترصدني وحفرة في الشارع أسقط فيها، وبركة ماء، هذا وطني ومن ينكر ذلك... ولكني أحبك يا وطني!!

**********

المفرجي الحسيني

اطفال وطني

العراق/بغداد

26/5/2021

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :