#القدر_المحتوم 🌄
بفلم الأديبة سميا دكالي
هكذا عادت فاطمة الى قريتها بعد اغتراب لم يدم طويلا، دون تريث منها كانت قد غادرت أهلها والمكان الذي نشأت فيه بعد أن طاوعت قلبها وما حكّمت عقلها. لم تكن تعتقد أنها ستعود منكسرة تجر اذيال الخيبة بل وأن يعاكسها القدر ليرسم بريشته الطريق ويوصلها الى النهر حيث فيه استعرضت شريط ذاك الحدث المؤلم الذي عاشته بعيدا عن هنا، ما اعتقدت أن من وهبته روحها ونفسها أن يخلف وعده ويتركها تواجه مصيرها لوحدها.
قبل أن تصل إلى النهر قصدت بيت أهلها لم يهتم لشأنها أحد، كانت نظرات السخرية واللامبالاة منهم تؤلمها. تمنت لو أقدموا على اعدامها على أن تعيش مهمشة وكأنها لاشيء، كيف لها أن تكمل ماتبقى منها وقد قُتلت فيها أجمل الأحاسيس التي بها تحيا النفوس؟ تدري الآن انها ستغدو كجماد تحيا لمجرد أنها موجودة.
قبل المغيب تلحفت فاطمة بعباءة سوداء دون أن يراها أحد، وتسللت بخطى هادئة، كان الكل منشغلا في حاله. توجهت الى النهر والدموع تسيل بغزارة دون انقطاع عليها أن تضع حدا لحياتها، فلا أحد سيرحمها، كما أنه لن يُنسى لها ما فعلت.
مشت اكثر من ساعة إلى أن وصلت الى النهر حيث وقفت تتأمل مياهه السوداء، ارتعشت من البرد وازداد ارتعاشها وهي تتخيل نفسها وقد اتخذت سكنا في اعماق ذاك النهر، كادت تتراجع لكن ماحدث لها عاد ليوجعها فتلقي بنفسها الى النهر وكأنها تستعطفه ليحتضنها وآلامها دون عودة.
مع بزوغ الفجر، وبدأ خطا المصلين نحو المسحد لصلاة الفجر، وُجدت عباءة فاطمة ملقاة قرب النهر. كانت الدهشة والحزن والسخرية بادية في وجوه اهل القرى وتساؤلات عدة عن سبب إقدامها على الانتحار، لكن شاء القدر أن يظل ذلك سرا حيث دفن معها، ووجعها في قاع النهر.
#سميا_دكالي