ثرثرة على أعتاب الفجر
خاطرة بقلم : خليفة دربالة / تونس
20 افريل 2022
ما عادت الأشجار تورق و لا تطرح أزهارا، و لا عاد للثمار مذاق، تبلّدت الحواس جميعها ، فلا طعم لشيء و لا رائحة... حتى الألوان فقدت معانيها ، قواميس الكلام غريبة و المفردات عاجزة عن وصف الأشياء، أيًّّا كانت هذه الأشياء، صار الصخب صمتا و البحار راكدة بلا نسائم و لا أمواج و لا رمال و لا حتى أصدافا فارغة مرمية ... تطلع الشمس و تغيب و لا أحد يهتم، لا أحد ينتظر قدوم القمر ، لا نكهة للسفر و لا حتى وجهة محددة مرغوبة ... كل الأماكن متشابهة ... كل الوجوه متماثلة ... ما عاد الربيع ربيعا ، لا فراشات و لا عصافير و لا ازهار و لا فواصل بين الفصول ، لا شيء غير حيرة و خمول و ذهول ، ما عادت الخضرة تثير بهجة في النفوس و لا اي شكل من الاحاسيس ، كأنما العدم يغمر كل شيء و يجرف مكونات الحياة ... ما عاد للفجر حلاوة ...و لا هدوء ... بل صمت مطبق يثير الصداع ... نجوم تتناثر في السماء بلا تناسق و لا انوار ... و ظلمة توحي بكآبة تحاصر الأماكن برّها و بحرها.
قالت : دون أن تنبس ببنت شفة
كفى
أترك شرنقتك و اخرج للحياة ... هل ترى ؟ افتح نوافذ قلبك ... و تطلع إلى الضفة الأخرى... لا تترك حلمك يتلاشى ... او يتحول إلى كابوس ... هذا الجدول الجاري امامك ينبض بالحياة ... تأمل جيدا أجنحة الفراش ، ذلك الكم من الألوان... سوف ينطلق الان مسافرا ، يملأ الفضاء حركة و ينشر في طريقه ظلا خفيفا و يعبر بحارا تعج بالحياة و الصخب ، اسمع أصوات الأطفال، ردد بعضا من تلك الترانيم الجميلة... أولئك الرعاة و موسيقاهم ... هؤلاء الذين يبتهلون و يرفعون اكف التضرع و الدعاء ...
نسائم تهب ، روائح و عطور ، تمتمات و اناشيد ...
التفت حولي ... ابحث عن ماذا ؟ عن من ؟ هذا ليس وقتا لطرح الأسئلة ... لا أحد يصغي ... لا أحد يجيب ... لا أحد يفقه ماذا يريد ... و لا ماذا اريد.