((ولولا مُغامَرتي))
بقلم ااشاعر مصطفى يوسف إسماعيل الفرماوي القادري
ألا إنَّ شِعري أَتَى لِيُحاضِرْ
بِقَوْلٍ حَكيمٍ يَقُودُ الحَضائرْ
بِعِلْمٍ أَصِيلٍ وبانٍ جَليلٍ
وصِدقٍ وحَقٍّ وحِلْمٍ يُناظرْ
ورُبَّ أتَى لَمَماً دُونَ عَمْدٍ
وقَد قِيلَ: شِعرٌ أتَى بِالكَبائرْ!
مِنَ النّاسِ مَنْ لا يَعافُ القُعُودَ
عَدُوُّ الخُرُوجِ، رَبِيضُ الحَواظِرْ
ولولا مُغامَرتي لَبَقِيتُ
أجيراً لَدَى كُلِّ زَوْلٍ مُغامرْ
ولَكنَّني لَمْ أَخَفْ رَغْمَ أنِّي
وَقَعتُ كثيراً، وخُضْتُ المَخاطرْ
فقُمتُ سَريعاً، لِربِّي شَكَرتُ
مَشَيْتُ بِبُطىءٍ وعَيْني تُناظرْ
وسافَرتُ أضْرِبُ في الأرضِ أسْعَى
ولَستُ طَموحاً إذا لَمْ أُسافرْ
هُناكَ صَحِبْتُ الرِّجالَ، صَعَدتُ
الجبالَ لِنَيْلِ العُلَى والمَفاخرْ
وذَلَّلْتُ كُلَّ الصِّعابِ، وإِنِّي
إلى مُنْيَتي حَفَرتُ المَعابرْ
لأنِّي أُحِبُّ العُلُومَ جَميعاً
تَرَكْتُ البَوادي وعِشْتُ الحَواضِرْ
تَرَكْتُ مَجالسَ إِثْمٍ بِقِيلٍ
وقالٍ وعَيْنٍ ودَاءِ الضَّرائرْ
ونَفْسِي تُسِرُّ بِصُنْعِ الجَميلِ
وتِلكَ النُّفُوسُ تُحِبُّ المَظاهِرْ
فَهَاجَرتُ أَطلُبُ عِلْماً ورِزْقاً
ولَسْتُ فَهيماً إذا لَمْ أُهاجِرْ
وإنَّ رَبّي كَريمٌ جَوادٌ
إلى العلمِ يَهْدي ونُورِ البَصائرْ
إليهِ يُوفِّقُ كُلَّ تَقِيٍّ
صَدُوقٍ، تَحَلَّى بِحُسْنِ السَّرائرْ
وإنَّ رَبِّي حَيِيٌّ، سَتِيرٌ
ويُبْغِضُ مَنْ بِالمَعاصي يُجاهِرْ
ويَأْمَنُ مَكْرَ الإِلهِ ويَمْضي
على خِطئِهِ يَعتَلِي ويُكابِرْ!
فَسَتْرَكَ رَبِّي رَجَوْتُ، وإنِّي
بِبابِكَ ها أَنَذا لَمْ أُغادرْ
وها أَنَذا في حَياتي زَهِدتُ
لِآخِرتي حارثٌ ومُآجِرْ
وبِالعِلْمِ أَزْهُو وأَعلُو وأَغْنَى
مَقامُ الثُّرَيّا، وكَنْزُ الجَواهِرْ
وَرِثْتُ جُدُودي، فصُغْتُ القَوافي
وإنِّي بِهَذا التُّراثِ أُفاخِرْ
أنا مُقْتَدٍ بِالنَبِيِّ الأَمِينِ
وَكَمْ مِنْ حَبِيبي أتَتْنِي البَشائِرْ!
بِأَمْرِكَ حِبِّي، فَبَذْرِي كَثيرٌ!
أيا مَنْ بِنا الأنْبِياءَ مُكاثرْ
أَمانِي وأُنْسي وطِبُّ جَنانِي
فمَعْهُ تَفيقُ، وتَحيا الضَّمائرْ
أَمِنْتُ وأهْلي وصَحبِي، فإنّي
عَلَى دِينِ مَنْ في الحَياةِ أُعاشِرْ
بِحِبِّي رَبِحتُ سَلاماً، سَلاماً
ولو في دُنايَ عَدَدتُ الخَسائِرْ
وكُلٌّ سَيَقْضِي، ويَمْضِي، ويَبْقَى
وَحِيداً هُناكَ، دَفِينَ المَقابِرْ
فأَيْنَ الدُنَى والمَتاعُ لَدَيْهِ
وأَينَ الصِّحابُ، وأَيْنَ العَشَائرْ؟!
(البحر المتقارب)
الحضائِرُ: جمع حضيرة والحضِيرَة : جماعةُ القوم أو الْمُعَدُّون للقتال منهم.
ﺍﻟﺒَﺎﻥُ : ﺍﻟﺤﺠّﺔ؛ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺍلفصيح؛ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺣﺎﻝ، ﺃﻭ ﻳَﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﻴَّﺎﺗﻪ ﺑَﻼﻏﺎ؛ ﻋِﻠﻢ ﻳُﻌْﺮَﻑُ ﺑﻪ ﺇﻳﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻄﺮﻕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺗﺸﺒﻴﻪ، ﻭﻣﺠﺎﺯ، ﻭﻛﻨﺎﻳﺔ.
اللَّمَم: الذّنبُ الصّغير.
الزَّوْلُ: الشُّجاع.
داءُ الضَّرائر: الحسد.
بقلم مصطفى يوسف إسماعيل الفرماوي القادري