رحيلك المعجل
بقلم الأديبة فاديا الصالح
كنت أتجاوز غيابك بقناعاتي .. و أرتب أفكاري بحرص كيلا أتخبط في دوامة الغياب المتعب ..
مضى على رحيلك عدة سنوات و لا تزال قبعتك و تسبيحتك معلقة على جدار الروح تنبض بالحب و الحضور ..
تلك الليالي يا سيدي التي أفلت كانت حافلة بالشموع و الدفء ..كانت ولا تزال تبعث رائحتك في كل أرجاء منزلي الصغير ..
خيالك لم يرحل .. و لم يغادرني البتة ..خيالك الذي نُقش على شبكية العين ..لا يزال ستارا أحتمي به إن لجّت الذكريات و عصفت بما تبقى من روحي ..
لا زلتُ أذكرك .. و أذكر طيب حديثك .. و صوتك المتخم عندما كنت تنادي بأعلاه اسمي ..يجر وراءه بحر لا امتداد له من الدفء و الأمان ..و كأني أحتمي به من ظلمات سحيقة ...
لا أخفيك يا سيدي أنني ما نسيتك يوما و لا غادرت خاطري لحظة ..لكن أقدامك أسرعت في دروب الرحيل ..تسلكها ..
من لي غيرك يطرق بابي إن عصفت بي رياح الحنين التي لا ترحم ؟
من لي غيرك يؤنس وحشتي ..وحشة الروح إن تاقت و إن حنت و إن استوحشت ظلام ليال كانون دونك ؟
من لي غير قلبك .. قلبٍ أتوسده بحزني الطويل ..؟
من لي غير عينيك دليل و هدف و غاية و سبيل ؟
مضت تلك السنوات على رحيلك المعجل .. و أنا كما أنا أقف خلف بابي كل صباح و عند حلول الظلام .. أنتظرك ..بحرقة قلب أمّ ودعت وحيدها ..لحرب لا ترحم و لا تذر ..
أقف على قناديل أشواقي عند كل صلاة و أذكر اسمك و عبرات تجترح خاطري الهش ؟؟؟.. و أطلق أمنياتي للسماء ...
أيها الراحل عني بعيدا ...!
هلّا أتيت و حقائب الفرح في يديك ..!
هلّا أتيت و غردت أسراب الطيور فوق هاماتنا !
هلّا أتيت و تحت عباءتك ألوان نيسان و قوس قزح ..!
أودُ إخبارك أن الدنيا بعد عينيك مظلمة .. و عند رحيلك رحلت أنت .. و رحلت أشيائي عني .. و رحلت البسمة من دروبي ..
فاديا الصالح