محطة الوداع الأخير
بقلم الأديبة فاديا الصالح
ثم نلتقي في محطة وداع من نوع آخر ..
محطة وداع طالما خشينا على أرواحنا منها.. طالما ترقرقت الدمعة الحارة في محاجرنا ..والآن قد حصل ما كنا نخشاه ..
في محطة القطار هذه الباردة .. أحسست إني بلا مأوى .. بلا غطاء يواريني و يبعد عن أضلعي صقيع كانون الذي أنسكب كله بين ذراعي .. أتسأل في نفسي أين دفء نيسان ؟
لماذا كفي أكلها وحش البرد القارص ..؟
لماذا تقلصت الحياة بكل صخبها و ألوانها أمامي؟
و الآن و قد حزمت أمتعتك ..و بعدها تغادرني بعيدا و إلى الأبد .. ماذا أفعل بعناقك الأخير ؟
و ماذا يجدي ؟
كيف لأصابعي أن تخط لك أشعارا و أنت المغادر لمرافئ القلب ..تشدو عصافيرك لحنا بعيدا عن دروب عشقناها .. بعيدا عن مروج خضر تبعثرت أمانينا فوقها يوما ..
..الآن و قد ملأت حقائبك بأسطري و أشعاري .. و قد غادرت نوارسك شطآني ..
ماذا عساي أقول لقلبي ؟
و ماذا أخبره إن سألني عنك في مساء ..شموعه تنصهر في راحتي ..
ماذا أخبره إن تلاشى صدى صوتك المتخم بالحنان في أنحاء غرفتي .. ؟
كيف ألقاك بعد اليوم؟
و قد امتد برد كانون على كل أحلامي .. و أيامي .
كيف لشفتي أن يعود توردها ..
و البسمة غادرت برحيلك..
ترحل انت و ترحل الفراشات عن دروبي ..و يرحل الأقحوان عن دروبي ..
فاديا الصالح