السبت، 3 ديسمبر 2022

Hiamemaloha

رياح القدر للشاعر نادية التومي

 .

رياح القدر


شاءت  الاقدار أن تولد في قرية نائية بعيدة عن الضوضاء المدينة وضوضائها، تعيش بين الحقول وبين بساطة الحياة الريفية، تمشي في فصل الشتاء البارد اميال لتصل الى المدرسة، تشق الوديان من اجل ان ترتوي بالعلم.


رغم قساوة الحياة وقلة اليد،  كان ابوها فلاح صغير له بضعة اغنام، منتوجها لا يسد حاجة البيت ورغم ذلك كان يكدح من اجل ان يتعلم أولاده وان ينالوا في اخر كل سنة دراسية شهادات، لم يكترث بتعب النهار،  ظهره تقوس من الانحناء وهو يزرع ويعزق الارض، ويسقيها ويطلب من الله أن يكون الحصاد وفيرا ليلبي حاجات بيته من مأكل وملبس.


تمر السنين وتكبر البنت البكر وئام وتنجح بإمتياز في ختم التعليم الاعدادية ووجب عليها الانتقال للمدينة لتكمل تعليمها، على قدر فرح العائلة بنجاحها، كانوا يفكرون كيف سيسددون اقساط الدراسة والمبيت، وكل حاجاتها، احتار الاب في الاختيار بين ان تمكث ابنته في القرية وتساعد امها في شؤون البيت أو تعمل بالارض كسائر اندادها بالقرية وبين ان تذهب تكمل دراستها بالمدينة.


اليد قصيرة والعين بصيرة كما يقال، فكيف سيفعل فهو فلاح صغير وله بضعة اغنام لا تعد على الاصابع وارض صغيرة لا يفيد زرعها مصروف العائلة وبقية الابناء مازالوا يزاولون تعليمهم الابتدائي، ماذا سيفعل هل يبيع الارض؟ فكيف سيعيش بعد ذلك ، كانت العديد من الاسئلة تدور في مخيلة الاب، حتى النوم رحل من جفونه واصبح السهاد المآل.


مر الصيف والاب حائر في اتخاذ القرار، هبت رياح لتعلم على قدوم الخريف والتحضيرات للرجوع الى المدارس،. وزادت حيرة الاب، وبدأ حقا يفكر بترك ابنته بالبيت، وقرر ان يفاتح ابنته في ذلك، ولكن شئت الاقدار ان تغير المستحيل الى المحال، دق الباب ذات مساء واذا بعمدة القرية هو الطارق جاء بالبيان ليعلم الاب ان الدولة تكفلت بمصاريف الدراسية لبعض القرويين وان ابنته احدهم، لم تتسع الفرحة الاب وقفز مبتهجا ولم يسعه اي مكان، وتذكر ان رحمة الله واسعة وانه كان في صلاة الفجر يدعوا ويتضرع الى الله بأن بجد له مخرجا، واذا الفرج كان قريب على الابواب. أخذ سجادته وركع يحمد الله وحلف انه سيذبح شاة ليوزعها قربان على الفقراء.


وجاء اليوم الموعود واستعدت ابنته مع اندادها لترحل من حياة الريف الى المدينة لتكمل مشورها التعليمي، تمنى الاب لابنته النجاح وان ترجع له بشهادة عليا ترفع الرأس. القدر هذه المرة شاء ان يغير حال الفتاة من بنت ريفية كانت ستقبع بالبيت لقلة المال الى بنت المدينة متعلمة في أعلى المراتب.


بقلم نادية التومي

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :