هواجس على أسوار بغداد
محمد حسام الدين دويدري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رُوَيدَكَ أيها القلبُ العَجيبُ=أما لشِغافِكَ الحَيرى طَبيبُ
تفتشُ عن صدى وصلٍ لليلى=وليلى تزدريكَ فلا تُجيبُ
أيُشجيكَ التعلُّلُ بالأماني=ويغويكَ التوسُّلُ والنحيبُ
لتمضي باحثاً بين القوافي=عن الأحلامِ تملؤكَ الكروبُ
تقولُ: وليتَ يا ليلى يوافي=هوانا ذلك الحُلُمُ السَليبُ
عسى الأيام تزهرُ في رُبانا=فقد أقصى بنا الزمنُ المُريبُ
أتنسى أنْ مضى زمنُ التصابي=وأنّ العمر موكبُهُ مَهيبُ
وأن الشوق والنجوى لصبٍّ=غزاه الشيب مشتعلاً مُعيبُ
فمهلاً...، هل ترى الدنيا رياضاً=يلوح بأفقها القصرُ الرحيبُ
وتنسى أن رأسَكَ مُستَباحٌ=لألوانِ الهمومِ فلا تؤوبُ
أتُمضي العمرَ مشغوفاً بليلى=ويصهركَ التوقّد واللهيبُ
وتَشغَلكَ الصبابة ُ عن قراعٍ=تلذّ بنصرها فيه الخطوبُ
وليلى عنكَ شاغلة ٌ تمني=رغائبها وتشغفها الطيوبُ
صِفاتُكَ لَمْ تَعُدْ تُنشِي صِباها=وإن حَارتْ بِمَنطِقِكََ العُيوبُ
وإنْ كنتَ الذي التَزَمَ النواهي=ومِنْ أوصافِهِ العَدلُ النجيبُ
فشِعرُكَ لمْ يَعُدْ يَجتاحُ ليلى=ولا سِحْرُ الشروقِ ولا الغروبٌ
لأنَّ العصرَ باتَ لِمَنْ تغنّى=بمالٍ أو تَخطّاه الوجوبُ
فذو السُلطانِ والطَولِ المُرَجَّى=يسير وقد أحاطته القُلوبُ
وتَحمِلُهُ أكفُّ الناسِ حتى=تكادُ لِفَرطِ لَهفَتِها تذوبُ
فإنْ رامََ التَكَلًّم زِيدَ حتى=تغنَّتْ بابتسامتِهِ السُهوبُ
وصفَّقَ كلُّ مَنْ يَسعى لِكَسبٍ=يقاسمه إذا غَفل الرقيبُ
رأيتُ الناسَ قد باتوا حيارى=ترامت في أَكُفِّهُمُ النُدُوبُ
يَرَونَ العُمرَ من ضنك الليالي=حِصاراً ليس تفتحه الغيوبُ
مَضَتْ فيهِ النِصَالُ على رقابٍ=وغاصتْ في تَرَهُّلِها شعوبُ
وفاضتْ أعينٌ ثكلى بدمع ٍ=تَفَجَّرَ فاستزادته الحُروبُ
وتاهت في توجُّسِها فئاتٌ=وأخرى تستخفّ بها الذنوبُ
تُعَربِدُ في مدى الأحقادِ حتى=يؤرّقها فيشغلها الوُثوبُ
فآهِ... لحيرةٍ تكوي ظنوني=كَرَحَّالٍ يطاردُهُ الكَثِيبُ
أتاهُ الناس عن ركب المعالي=بلهو ٍ صاغه الزمنُ الخصيبُ...؟!
بما يُبدي من الإغواء حتى=ليغدو الشوكُ تكسوه القُشُوبُ
ويُمزَجُ سُمُّ رقطاءِ البراري=بشهدٍ حُلوُهُ موتٌ قريبُ
أتُغرينا حَضَارَةُ مَنْ أتانا=بأصناف القُيود فلا نُصيبُ...؟!
وننسى أننا قومٌ حملنا=مشاعلَ نهضةٍ ليستْ تَخيبُ
فنقبع في صدى لهوٍ وجهلٍ=ويغوينا التفاخر والنسيبُ
فتسبقنا الشعوب لكسب عِلمٍ=أضعناه فحاق بنا النضوبُ
وبتنا نحتسي كأس التأسّي=لضعف ليس يَحمده حبيبُ
أنُهْدِرُ جهدَنا في غير كسبٍ=يُثاب به المُواطنُ والنَقيبُ
ونستجدي صناعاتٍ غزتنا=وليس لنا بصنعتها نصيبُ
فيأتزروا بحسرتنا وتغزو=جحافلُهُم ثرانا أوتُريبُ
تآمرُهُم على دمنا رهينٌ=بِقُوَّتِنا وما غَزَت العيوبُ
فخَفِّفْ عنكَ يا قلبي لهيفاً=وقُُلْ لهواكَ إنَّ غداً قريبُ
وإنّ الله لا يرضى لعبدٍ=قُنُوطاً بات يَحصُدُهُ الهُروبُ
..........................
الأربعاء 14/ 1 /2004
من مجموعة: بين انزلاق وانطلاق