شاخ الزمان
محمد حسام الدين دويدري
ــــــــــــــــــــــــــــ
ما خَطبُ قلبي في المسالك لاهيا...؟!=شاخَ الزمانُ ولم يزل متجافيا
أجري وراء سرابه في غفلةٍ=وأُريقُ عُمراً يستجير مناجيا
ضيعتُهُ في زيف كسبٍ زائلٍ=وجلستُ أندُبُهُ زماناً باقيا
ومضيت ألهث في رمال رغائبي=طوراً؛ و طوراً أستغيث الساريا
وأُجيل طرفي بين خَلقِكَ سائلاً:=فيمَ التعالي نَصْلُهُ بلهاتيا
وا غفلتي...، والعمر ينفد مسرعاً=والقلب لاهٍ في الصدى أو غافيا
يقتات من عَرَضٍ تناثر عَصفُهُ=ويتوه في السيل المسافر عاصيا
فكأنما الأوهام بات شِواظُها=سيلاً طغى يجتاحنا متباهيا
حتى غدونا كالفَرَاشِ إذا مضى=فوق اللهيب مرمَّداً أو زاهيا
إنْ أخطأتْهُ النار طار مُحَلِّقاً=أو راح يهوي في المهالك فانيا
واخجلتاه مِنَ السؤال إذا انتأى=كفي عن الأفعال أين حصاديا ؟
إذ ليت لي عَودٌ لأعمل صالحاً=هيهاتَ...؛ ما عاد الورى من آليا
لا شيء في تيكَ المواضي غير ما=قدّمتُهُ في العمر إنْ أنجانيا
فالكنز ضحلٌ والجَنَى فيه القذى=لولا الغَفورُ فما لقلبي شافيا
أسقي الثرى صمتي وأمضي صابراً=ما حيلتي والكلّ أضحى نائيا
وأنا مٌسَجَّىً في رماد أصابعي=وجميل عفوك مطلبي ودوائيا
رباه إني ما عصيتك لابساً=ثوب التحدّي أو عصيت معاديا
وأنا الضعيف وباب عفوك واسعٌ=فامنُنْ عليّ بنظرةٍ ترقى بيا
واجعلْ يَدِي في الخير مِنجل رحمةٍ=واجعلْ فؤادي من عطائكَ صافيا
إني أنا العبد الفقير...، ومَنْ أنا...؟!=إنْ لمْ أكنْ في درب نصرك ماضيا
أبدعتَ خَلْقي فاهدِني كَسبَ الرِضا=واجعلْ خِطابي بين خلقك زاكيا
مُتَرَفِّعاً عن كلّ حقدٍ ؛ رافضاً=قيدَ التراخي مُسعَداً ومُعانيا
كم مِنْ زمانٍ في الضَياع تحطّمتْ=مرساته فغدا طويَّاً خاويا
في سلّة الأحزان غاص مضرَّجاً=بلهاثِ جهلٍ صار نسياً باليا
ً يا ربّ إنّي قد أتيتك حاملاً=قلباً يناجي في الليالي خاليا
يحسو دموعَ رجائه في حَسرَةٍ=متذلِّلاً...، متضرِّعاً...، متباكيا
علّي أفوز بنيل عفوِكَ شاكراً=وأنال من نعماك قدراً ساميا
يُثري اصطباري في الحياة تيقُّني=أن التقى في المُشتَكَى أولى ليا
.......................الثلاثاء 22/2/2002
من مجموعة: "مواسم الرحيق