" يوميات رمضان"
_ الثالث: رحيل
لم تكن الدموع تفي بالتزاماتها رغم سقوطها المفاجئ على وجه بلقيس الصغيرة ؛ دنوت منها أكثر حتى التصقنا ؛ ماكان يسمع عن بعد سنتيمترات أصبح مختلفا تماما ؛ فالآن تسمع بوضوح الأنين الداخلي ؛ الألم الذي لا يمكن أن تقدر كميته عن بعد ؛ التوسل يتجاوز حدود السماء ليصل إلى الله مرة واحدة .
فجأة تنفتح النافذة بلا استئذان ؛ اخضرار الأشجار في الحديقة المجاورة يبدو أكثر شحوبا هو الآخر ؛ لكنه يحاول مد يد العون لبث المزيد من الأمل والقوة في أرواح على وشك المغادرة النهائية ؛ نسمات المساء تؤازر الشرايين التي تعاند الجليد ؛ مازالت الأنفاس متوحدة في لحظات حرجة .
غيمة بيضاء تظهر عبر الأفق ؛ لكنها لن تمطر بكل تأكيد ؛ فالغيم الأبيض يأتي زائرا في معظم الأحيان ؛ حدثتها بصمت ؛ فابتسمت هي الأخرى ؛ (يا إلهي كيف للغيوم أن تبتسم كالبشر) .
بعد أن وضعت بلقيس على السرير همست في أذنها: ( لن تغادري أيتها الصغيرة ... لن تغادري أليس كذلك ... فنحن بحاجة لك ... لم يحن وقت الرثاء بعد ) ...
لعلها سمعتني آنذاك فأغمضت عينيها السوداوين ثم مضت لنوم عميق بعد أن أعطتني الألم كي أحمله عنها ولو لوقت قصير .
وليد.ع.العايش
الثالث من رمضان/ ٢٠٢٣ م