يقتلني حبك..
يا وطني يا شجرة باسقة ،وارفة..
إفرد جناحيك للريح..
ريح الصبوات اللافحة..
و عانق المدى..
فجذورك في قلبي ثابتة، راسخة..
إرفع رأسك..
إرفع رأسك يا وطني الجريح..
بين ثناياك تغفو أحلام الصبا..
و أحضن طيورك الجميلة..
قد صارت بلا مأوى..
و أسخر من اللؤم و البعد و الفاقة..
يا وطني..
كلما ضاعت فيك البوصلة..
إلتمس الطريق بين ربوعك..
و تنسم رائحة التين و الزيتون..
التين قبلتك..
و الزيتون روح المصباح..
و أسراب الحمائم رسلا بيننا..
و تيمم بأماني الضائعين..
و أحلام الصبايا..
ثم خض يمك المشحون بالغضب..
فجروحك وحدها كاشفة،
كاشفة..
يقتلني حبك..
يقتلني حبك يا وطني الجريح..
تقتلني الدمعة المتحجرة..
في كل العيون الحائرة..
و ضحكة مسروقة من شفاه كانت باسمة..
و عرق الجبين..
و أيدي مشقوقة..
و أخرى مرتعشة..
و أرجل حافية دامية..
عبدت كل طرقاتي البعيدة الملتوية..
تقتلني فرحة مهدورة لطفولة لاهية..
لا تدري ما يفعل بها..
و لا تدري ماهية..
تقتلني دروبي البائسة..
كلما التقينا تعانقني..
و تحكي..
و تبكي....
كم هي مليئة بالحزن،
و الأشواق،
والحنين..
تقتلني الأماني المجندلة..
على مذبح الحقيقة العارية..
كانت تنبض بالحياة..
و ترسم المستقبل..
يقتلني حبك..
يقتلني هذا الليل الطويل..
في وطن الشرطة و العسس و الحدود..
يقتلني السوط المرسوم على ظهري..
و صور ذلي و قهري..
تقتلني كل تلك المقدسات..
مبتوثة لغاية في النفوس..
و مفصلة على المقاسات..
تقتلني كل الطيور في أقفاصها..
سلبت منها الكلمة و الحرية..
يقتلني حبك..
يا وطني يا شجرة باسقة ،وارفة..
إفرد جناحيك للريح..
ريح الصبوات اللافحة..
و عانق المدى..
فجذورك في قلبي ثابتة ،راسخة..
يقتلني الصبح الجلي..
يطل من وراء الجرود..
يفرج عن أحلامه الفارقة..
يعلن العصيان..
و ينتظر العاصفة..
أنت كالقيامة..
قادمة قادمة..
"مرحبا أيها العاصفة،
مرحبا..
سيقوم من الجرح أكثر عافية وطني..
بجراحاته النازفة.."
يقتلني حبك يا وطني الجريح..
حسين المغربي