أحلام أنثى
الحلقة 28
خطوبة سحر
تابعت سحر قصتها قالت: كنت أتساءل عن سبب زيارة الكابتن سليم، وكنت أفكر هل سأعود إلى سليم في حال طلب يدي ثانية.
بعد عودتي إلى سورية كنت أراجع أفكاري... وخاصة بعدما رأيت سعادة أختي مع أولادها وقلت لماذا أكذب على ذاتي، وما هي قصة الكتاب الذي أنوي تأليفه وجعلته من أعز أحلامي...
لقد وجدت آلاف الكتب على رفوف المكتبات يكسيها الغبار وأين هو القارئ. في زمان المكتبات الإلكترونية؟ وهل هناك أروع من أن أكمل حياتي كزوجة أربي فيها أوﻻدي وأسعد زوجي... وهل أجد زوجا أفضل من سليم ليكون أبا لأولادي... وحبيبي...
وهل يسعد المرأة أكثر من أن تكون أما، وهل سيكون للمرأة صديقا وراعيا لها أكثر من زوجها إذا كان مخلصا لبيته وعائلته.
أنا أعرف سليم، واختبرته سنتين هل أجد زوجا أفضل منه، رجل أخلاق ومبادئ... وكيف يكون الزوج الذي ترغبه الأنثى...
ولماذا لا أكون صادقة مع ذاتي وأقبل سليم عريسا لي وأبا لأوﻻدي...
أنا عرفته وعرفت أخلاقه الحميدة وهو يحبني، واليوم أنا أشعر بأنني أحبه أو على الأقل إذا طلب يدي لن أقول لا، بل سأوافق بدون تردد... سليم اخترته ليكون حبيبي...
فوجئت في المساء عندما جاء سليم برفقة الأب ميشيل، كنت غاضبة لحدود الغضب، سألني أبونا ما بك يا سحر؟
أجبت: كما ترى يا أبونا نحن نعيش على الشمعة منذ ساعات والكهرباء مقطوعة...وعلى سطح البناية لم يعد يوجد مكان ولو صغير، حتى نضع فيه لوح الطاقة الشمسية، وأعطينا الكهربائي مالا ليحضر لنا بطارية وشاحن ولوازم الإضاءة، لكنه يسوفنا ولا يحضر...يقول ليس عنده بنزين لسيارته حتى يحضر العدة ولوازم التمديد.
قال سليم سيارتي واقفة من أُسبوعين أنتظر رسالة توزيع البنزين، أحيانا يفوتني باص الشركة، أركب سيارة أجرة. راتبي بالكامل لا يكفي أجرة توصيلي إلى المطار... الشتاء الماضي أمضيناه بدون تدفئة، المازوت غير متوفر، و أسعاره في السوق السوداء ملتهبة، ولا توجد كهرباء، اشترينا حطب بمبلغ غير قليل. حرقناه خلال أيام... وتابع يقول آسف، أنا لست هنا لأشكو همومي البائسة. في الحقيقة أنا جئت أسأل سحر كيف أهرب وأسافر لأنني وصلت إلى المنتهى... غلاء فاحش، وراتبي مع كل الحوافز لا يكفيني لشراء لقمة العيش ، لذلك أنا أحسدك، تجرأت وغادرت البلد... وخلال وقت قصيرة اشتريت منزلا ومفروشات، الأمر هنا مستحيل، مستحيل...ولو عشنا ألف عام...
وتابع يقول: عرفت من أبونا ميشيل بأنك لن تعودي إلى شركة الطيران التي كنت تعملين فيها، إذا كنت مصممة على الاستقالة، أرجوك أن تعطيني عنوان الشركة التي استقلت منها حتى أراسلهم ربما يقبلونني مكانك مضيف طائرة.
قالت سحر : أنا صدمني الأمر، وأدركت كم أنا حالمة، وقلت إنها مجرد أحلام أنثى . أنا أفكر في سليم، وسليم يفكر أن يهجر البلد...عندما أرادني سليم ، أنا لم أرده والآن، أنا أريده وهو لا يريدني...
وسألته: ماذا عن الست الوالدة أتتركها بمفردها وتذهب؟
قال لولا هذا الأمر لم أكن موجودا حتى الآن في البلد...
راتبي لم يعد يكفينا لنأكل. في هذا الزمن الصعب، زمن الهجمات الاقتصادية علينا. هم غايتهم تهجيرنا وترك ديارنا يساعدهم أعوان لهم في الداخل، حتى يسهل لهم احتلالنا دون مقاومة، الشباب يهربون، والكبار في العمر صابرون...
صدمني كلام سليم، ولم أعد أدري ماذا أقول وقلت هذه هي الوظيفة راتبها قليل وتجمد الفكر . أنا أكره الإرتباط الوظيفي الآن فكرت في تغيير مجرى حياتي، وجدت في سوق العمل ما يسرني وأحافظ على ذاتي، وجدت ضالتي في معهد تعليمي، بعدما عاينت سوق العمل في الوقت الراهن في سورية، عرفت بأن معاهد التعليم الخاص، مصدر أرباح ممتازة، ما رأيك أن تكون مديرا شريكا معي في المعهد، الذي سيكون جاهزا خلال شهر أو شهرين، تبقى في دارك، وفي بلدك...وترعى أمك؟
ابتسم، ابتسامة عريضة، وكأنه فهم خلفية كلامي، ونظر إلي نظرة استفهام، وقال فكرة جميلة، أنا موافق أن أكون شريكا في معهدك، لكن بشرط أن تكوني أنت شريكة في حياتي، عندها أنا سأستقيل من قائد طائرة، وأصبح قائد مدرسة... وأنت تستقيلين من مضيفة طائرة وتصبحين كابتن حياتي...
شعرت بأنني كسبت الجولة، وربما كسبت الحرب كلها... وتظاهرت بالبراءة وقلت هذا هو أبونا ميشيل مكان المرحوم أبي يمكنك أن تسأله عن رغبتك وكما يقول هو أنا موافقة.
أبونا ميشيل فهم مقصدي. وقال: سحر ابنتي، وسليم ابني، ولن يجد أحدكما أفضل شريكا له منكما لبعضكما...
قال سليم: على بركة الله متى تريدين أن نلبس محابس الخطوبة؟
قال أبونا ميشيل: ولماذا الخطوبة، أنتما اختبرتما بعضكما البعض فترة طويلة، أنا أرى أن تتكللا وتختصرا فترة الاختبار أنتما في غنى عنها. وبالنسبة إلى والدتيكما أنا أقترح أن تسكنان سوية هنا في هذه الدار وأنتما العروسان في دار العريس العربية، أو العكس. كما تشاء والدتيكما..
في كل الأحوال. مبروك لكما توحدكما بالروح باسم ربنا يسوع المسيح. نهض العريس وقبل يد أم العروسة، لكن أم العروسة كانت الدموع تغرق عينيها ... وقالت بصوت عالٍ هل أنت معنا يا أبو سحر وأجهشت بالبكاء...
في تلك اللحظة، دخلت هدى وزوجها للزيارة وجاءت الكهرباء في تلك اللحظة، قال أبونا نورتما الدار بحضوركما،
قال لويس الدار منورة بأهلها وإن شاء الله ستتحسن الأمور وتحدث انفراجات بعد أن يقضي الرئيس على الفساد في الداخل السوري...
قالت أم سحر تخاطب هدى: باركي لأختك، خطبت إلى سليم للتو...
قبلت هدى أختها وسليم وباركت لهما، وهكذا فعل لويس... وقال لويس بما أنكما قررتما الإكليل مباشرة، أنا وهدى سنذهب إلى باريس الأسبوع المقبل حتى نشتري ألبسة لنا ولأطفالنا وسنحضر لكما الثوب الأبيض وكل ما يلزمكما...
هكذا كانت جورجيت ﻻ تحب أن تشتري شيئا من هنا
جميع ألبستها وعطوراتها كانت من باريس...
كلامه سهما أصاب قلبي، ونظرت نحو أختي ، أختي نظرت نحوي وغمزتني وعنت عدم اهتمامها بالأمر...
الحلقات السابقة موجودة في(مجموعة أحلام أنثى)
بقلم : عبده داود
إلى اللقاء في الحلقة 29
جه