أستثنيه من يومي للكاتبة د. ندى مأمون إبراهيم

 🌷✍️ استثنيه من يومي ...

أفضل قهوتي السوداء المرة عليه....

تعده أختي مع قطع الكعك ....بعد كل مغرب .... وتجتمع العائلة.

هذا طقس عائلتنا الثابت ...ليس لأحد أن يغيره .

يجتمع الجميع ،ولا يحلو السمر وتبادل هموم اليوم وأفراحه ...إلا و أقداح الشاي القرمزية بين الأيادي...

باستثناء قدحي...اعتاد ذلك الكبر الذي أعامله به مؤخرا ...

أتجاهله كل مساء...أدير له ظهري، ولا التفت إليه...

ألوك قطعة الكعك مطولا في فمي ، حتى أتحجج بامتلائه...ولا أفسح مجالا لرشفة عابرة ...

أتركه مهملا على الطاولة، يطول انتظاره واشتياقه ليدي...لكني أتعمد تركه حتى يبرد...فأنساه وينساه الجميع....وإن تنبه أحدهم...تعللت بحموضة المعدة ...حتى لا أشربه...

فإن ألحوا ،طلبت منهم ،خلطه بحليب حتى يضيع لونه القرمزي، وتضيع نكهته وهيبته...نكاية فيه وفي طقوسهم .

أعلم شعور قدح الشاي تجاهي...

يغار من أقداح الشاي الأخرى المبجلة ،بين أيادي أفراد العائلة ...

يمسكونها بحب ومزاج عال...ترتفع وتهبط بين الشفاة في انتشاء...فتنتشر مع رشفاتها أحاديث المجالس ...

لازمني طويلا ...ثم تنكرت له...آثرت السمراء، وانقلبت عليه...

غير ارباب الفكر نظرتي له...

منذ أمسكت القلم...وأنا أبتعد عنه....رأيت فيه بعدا آخر ....رأيته شعبي بامتياز....رفيق طبقة كادحة ، ينتقل بين الأيادي بأرخص أثمان ...يعدونه في دقائق قليلة بلا بهرجة ولا أشعار .

لم يوفروا له ذلك الألق المحكي عنه ، لم تمنحه هالة المفكرين المقدسة، بركاتها التي تمنحها للقهوة ...

قالوا لي ....القهوة رفيقة الكتاب...

والشعراء...والليالي الساهرة...

أمسكي في يدك فنجانا ،واكتبي نصا عنها... وبعدها ...مبرووك أنت شاعرة!! ...

لم ينصحني أحدهم بقدح شاي ...لم يكتبوا عنه، ولا عن لونه، ولا طعمه ...ولا مرافقته للسهر...

لم يشبهه أحدهم... بحبيبة...أو وطن !

أعلم أنه ...غاضب مني ...

يراني خائنة لا ولاء لها...ومنافقة تتملق الشعراء...

لكن ما بيدي حيلة يا صديقي...

أنت لست صديقهم...

وأنا أريد أن اكون منهم .!!

--------------------------

*د.ندى مأمون إبراهيم.  2023