حتما سيعود
لم يعد بوسعها إيقاف شلالات الحنين ..التي تنساب في روحها مندفعة من إثر صورة له معلقة على جدار غرفتها ..
لم يعد بمقدورها مسح مساحات الحنين التي انتدبت على كل أجزائها ..فقدت سيطرتها تماما على روحها الملتاعة به ..الشغوفة له ..
رتبت خزانتها .. و استلت منديلها الوردي و غادرت إليه برفق أم لرضيعها .. بسحر رسام للوحته ..
بحلم طالب علم .. طموح و يثابر بجده..
استلته و كأنها تجر خلفه أسرابا من فراشات ..من مجموعة ذكريات ..تقف خلف ستائرها الملونة .. معلنة قصة حب جديدة معه ..مع كل ذكرى تقع بحبه من جديد ..
تسرع بنهم عاشق لنافذتها علها تراه بين خيوط الشمس قادما إليها .. فاتحا ذراعيه لها .. راكضا نحوها بشوق غائب ملهوف إليها ..
وهي تحدق بآخر الدرب ..تقفز ملامحها الشجية لترقبه .. لترسمه بهامته الطويلة .. و زيه ذي اللون السماوي ..و قبعته السوداء .. يحمل في يده زهرة من عنفوان قلبه لونها ..
عطرها من أريج أنفاسه ..
و يتمتم بكلمات الحب و الأشعار..
ترنو إلى حيث مولد الشمس عند رحيلها ..و ترقب كل الآفاق بحثا عن رائحته .. عن شيء منه يُعيد الحياة لروحها المنكسرة ببعده..
تمشط كل الأشجار ..و تصافح كل الأطيار ..
و تقبل بيدها الحانية النجمات ..
علها في ساعة ما تراه ماثلا أمامها حقيقة .. لا خيالا ..
تسحب تنهيدة من عمق روحها .. لتعود بكل هدوء لترتيب ما تبقى من ملابسها .. بعد أن ضمت شالها الوردي إليها مرارا ..
و اشتمت رائحته مرارا ..
لأنه في لحظة ما عانق عينيه ..
تعود أدراجها رويدا رويدا .
متمتمة لروحها : ربما يعود ..لا بل ..حتما سيعود ..حتما سيعود ..
فاديا الصالح