كَمْ عِشتِ في خاطري
محمد حسام الدين دويدري
ــــــــــــــــــــــــ
كَم عِشتِ في خاطري يا خيرة الأُممِ
و اجتزتِ بي مِنبر الأخلاقِِ و القِيَمِ
أرسلتِ بي خمرةً حين انتشيتُُ بها
أسرفتُ في شربها كالمدمن النَهِمِ
حتّى إذا ما سمت في حُصنِ قافيتي
طاحت بمملكتي كي تستبيح دمي
أدمنتُ سُمرتها حتى إذا نظَرَتْ
في مِحجرَيَّ سبتني سبي منتقمِ
تجتاح ثورة روحي مثل عاشقةٍ
تحيا الصباباتِ عند العاشق الغَرِمِ
يا أمَّةً سافرت في عمق ذاكرتي
أعطيتُها روحيَ الحيرى و نبض دمي
مازلتُ في وصلها قلباً يرقُّ كَمَنْ
ذاق الهوى من رضابٍ ساحرٍ شَبِمِ
أنفاسه كالعبير المشتهى عبقت
و الريق في نبعه إشراقَةُُ النِعَمِ
إنّي عَهِدتُ ثراكِ الخصب مشتعلاً
بالأُعطِياتِ و بالآمال و الكرم
تُثرين حقلَ الضياء المرتجى فإذا
ما طاف إشعاعه الأكوان لم تنم
ماذا اعترى وجهكِ الوضّاء؛ يف غدا
كالبرعم المبتلى بالصفرةِ السَقِمِ ..؟
تحكين لي قصّة الأرحام إذ قُطِعَتْ
و الليل في بيدر الأحلامِ كالرِمَمِ
يستصرخُ الشمس كي تجتاح عالمنا
إذ يغسل النور جرح الصمتِ و الظُلَمِ
يا أُمّةً فرَّقتها الريح عاصفةً
فاختارت العيش في الأحلامِ و الندم
تلك التهاليلُ بالبشرى نعلّلها
فاسعي إلى وحدة الآمال و العَلَمِ
مازلتِ في خاطري نوراً يشعُّ فلا
تستسلمي للصدى العاتي و للعجم
إنّي إليكِ أمدُّ الروح مشتعلاً
بالأُمنيات وخمر الحبِّ ملء فمي
يصطاف عطركِ في نبضي فأُدمنه
كالزهر يغمر خصباً بالربيع حمي
........................................
من مجموعة: عزف على قيثارة السحب