كَوْكَبٌ دُرِّيّ
( من بحر المتقارب)
الشّاعر الصّادق الهلالي
سَنَتْ كَوْكَبًا دُرّيًّا في سَمائِي
أَنارتْ أَمَانِي جَنَاني ودَرْبِي
كما رَمَّمَتْ مِنْ حَيَاتي شَتَاتِي
لِأَحْيَا مَقادِيرَ كَسْبِي لِحَرْبي
معَ اللاَّمُبالاَةِ مِن سُهْدِ لَيْلِي
وحُمَّى ما طاقَها صَفْوُ قَلْبِي
لِأُحْيِي فُؤادِي بتِجْوالِ صُبْحٍ
بِغابٍ كثِيفٍ وفي غَيْرِ سِرْبي
لِشَدْوٍ مع العنْدَليبِ المُغَنِّي،
وأُصْغِي لِلَحْنِ التَّغاريدِ تَسْبِي
وتصْفِيرِ أُنْثَاهُ نادَتْ أَلِيفًــا
وَحَسُّونَ تُخْفِيهِ خَوفًا بِقُرْبي،
وحَدَّثْتُها: ــ هلْ يُسَلِّيكِ بَوْحِي؟
وشِعْري ووَصْفِي؟ جَميلاً لِحِبِّي!
فقالتْ: ــ تَكلَّمْ! تَرَنَّمْ بِلُطْفٍ!
غِناءَ الكَناري، لسيْرٍ برَكْبِي!
فَقُلْتُ النَّسيبَ الَّذِي نالَ صِيتًـا:
لـِ"هِنْدٍ"و "لَيْلى"و "عَبْلهْ"بِنَخْبِي
فَقُولي: ــ تَشَبَّبْ! وأَنْصِفْ حِسَانًا،
_ لِتَسْحَرْ خَلِيلَاتِ أُنْسٍ، تُلَبِّي!
نِداءً لِنَسْمٍ هَفِيفٍ يُناغِي
سَوَادًا مِنَ الشَّعْرِ يَجْتاحُ عُجْبي
كثيفًا، طويلاً، لامِعًا، سَبْطًا
كمَوْجٍ تَلَهَّى بأطْرافِ تُرْبِي
لِمِسْكٍ إذا فاحٓ يُذْكِي بعِطْرٍ
كَحَسْناءَ قد تهادَتْ لِجَلْبي
بِوَجْهٍ صَبوحٍ، كبَدْرٍ تُباهِى
بِحُسْنِ خُدُودٍ، كوَرْدٍ، كطِيبِي،
ـ إلى لُؤلُؤٍ إنْ تَعَضُّ الشِّفاها
بمِرْآةِ عَيْني، بشَرْقِي وغَرْبِي
وقدْ أَلهَمَتْني بِمَا لاَ تَناسٍ
لِعَيْنَيْ مَهَا تَجْتَبِي صِرْفَ حُبّي
لعَسْلاءَ عَيْنٍ سَناها هَدَاني
بإلهامِ شِعْرٍ ونظْمٍ يُلَبّي
وإيقاعِ نَبْضٍ وأَلحانِ رَجْزٍ
لَكَمْ دَغْدَغَتْ أَصْدُغًا لي بِحَسْبي
بنُورٍ تَجَلَّى كَبِنْتِ الثُّرَيّا
إذا ما أطَلّتْ تَسامَتْ كَشُهْبِي
وراقَتْ بأَعْطافِ نُبْلٍ وطُهْرٍ
لِتَحْكِي، آئْتِلافًا لرُوحَيْنِ صَبِّي،
فلا نِمْتُ لَيْلًا لَها مِلْءَ جَفْنِي
وما لُمْتُ خِدْنًا لِذَنْبٍ كَذَنْبِي
فعَيْنِي هَمَتْ عَبْرَةً مِنْ حَناني
ولكِنْ، فما حَدَّ هَذا لِهَبِّي
لِأُهْدِي لها عِقْدَ ماسٍ لِجِيدٍ
وقُرْطًا لأُذْنٍ مُهيبًا لوَهْبِي
لرِيمٍ مع الكِبْرِياءِ المُهادِي:
رَبيعًا، بِسَامًا لتَفْريجِ كَرْبي
بِأَطْلالِ عُمري، أُجِلُّ العَفِيفَهْ
بصَدْرٍ حَنُونٍ وحَسْبٍــي رَبِّي
الشّاعر الصّادق الهلالي