ثلاث شمعات
الحلقة السادسة
عنوان الحلقة: العتاب
هدى اعتقدت بأنها انتصرت على غريمتها ماريا وأنها كسبت المعركة، لكن كلام فارس كان مبهماً جعلها تعيش في حيرة وتساؤل هل كان كلامه عن الحب يقصدها هي، أم كان موجها إلى ماريا، أو ربما كان تعريف الحب في المطلق، لا يقصد فيه أي إنسانة في المحيط...
قالت هدى بصمتها: كل ما قاله فارس كان كلمات محدودة عامة
لا مكان للحب قبل أن ينهي الإنسان ما بدأ فيه لتحقيق مستقبله، على الإنسان بناء عش الزوجية قبل الزواج، وليس بعده، وقال: لنتعلم من بعض الطيور كيف تبني أعشاشها قبل أن تتزاوج، بغية حماية صغارها من أخطار محتملة.
يجب علينا سد نوافذ القلب، لآن الحب عليه مسؤوليات كبيرة، يجب على المقدم على الزواج أن يؤمنها قبل الخوض في هذا المعترك الحياتي.
فارس دائما يقول: مسكين سمير لقد خسر مستقبله لأنه استعجل في تفعيل الحب...
مرت مرحلة التعلم الأولى دون أن ينطق فارس بكلمة واحدة تروى عطش هدى وتسكن هيجان قلبها، تخرجا من معهد اللغة بتفوق وتهيئا لدراسة الماجستير...
سألت هدى فارس: ألا تعتقد بأنه من واجبنا زيارة سمير وروزا حتى نبارك لهما بالصبى أبنهما طارق؟
كانت هدى تحاول أن تجد مناسبات غير الدروس حتى تتحرش بفارس عله ينطق بكلمة حب واحدة تسعد خاطرها...
قال فارس: طبعا، طبعا يمكنك مهاتفة روزا والاستعلام عن الوقت المناسب للزيارة...
سمير وروزا استقبلا صديقيهما بحرارة شديدة لكن سرعان ما تحولت تلك الفرحة إلى دموع سخية وتحسر من قبل سمير...عندما قال: ها أنتما بدأتما الماجستير وأنا وروزا كان المفروض أن نكون معكما، لكننا خسرنا نجاحاتنا،
قالت روزا لكن الحمد لله كسبنا طارق...
قالت هدى: ما شاء الله سمير أضحى أبو طارق، طارق بن زياد جدنا وهذا كبير، كبير جدا...
قال سمير، ليتني سمعت كلام فارس، ولم أتسرع خسرنا مستقبلينا أنا وروزا التي كانت هي أيضا من المتفوفات هي وماريا في الكلية
قالت روزا قسما لنعود للدراسة وسوف نحصل على الدكتوراه. لكن حين يحين الأوان، نحن خسرنا المعركة لكننا لم نخسر الحرب
وقالت أيضا: ماريا سوف تكون معكما في دراسة
الماجستير السنة الحالية. كلام روزا الأخير جعل هدى تتوتر، وتنفعل
وتحججت بموعد عندها، وأنهت الزيارة...
بدأت الدراسة في الجامعة، وكانت ماريا مع فارس وهدى، وانكب الثلاثة على الاجتهاد المكثف، فارس لم يبد اهتماما في ماريا ولا في هدى والجميع منصبين على مراجعة
المحاضرات التي كانت مركزة عن الأدب العربي في العصر الإندلسي وأهمها الموشحات العربية وعن الأدب الإسباني بعد الاحتلال العربي وكانت محاضرات عديدة مكثفة عن الكاتب الإسباني ميشيل دي ثيربانتس وروايته دون كيخوته دي مانشا العالمية التي طبعها في القرن السابع عشر والتي لا تزال تعتبر من الروايات الأوائل في العالم، وربما كانت مزيج من ثقافات مختلفة لأن مؤلف الرواية كان قارض كتب نهم. وربما تأثر بالكاتب العربي أبن زيدون الذي كان عبقريا في فكره.
ذهبت هدى إلى السوق شراء حاجيات، فجأت تجمدت، وأخذت ترتجف عندما شاهدت ماريا متأبطة بذراع فارس وهما في غاية الانسجام. تابعتهما بنظرها حتى دخلا إلى مقهى في ذلك الشارع، عادت هدى إلى الجامعة وأقسمت ألا تبقى في إسبانيا يوما آخر...
كانت الدموع تسيل من عينيها لم تعد ترغب البقاء في هذا الجو المشحون...فتحت حقائبها وأخذت ترمي فيها ملابسها كيفما اتفق...
وهي تصيح لعن الله تلك الساعة التي عرفت فيها هذا الفارس اللعين...
عندما رجع فارس وشاهد حالة الهستيريا التي فيها هدى أصابه الهلع وسألها ماذا هناك ما الذي تفعلينه يا بنت الحلال؟...
قالت ظننتك تعني كلامك عندما قلت بأن الإنسان يجب أن يبني عشه قبل أن يتزوج، وكنت تعطي النصائح إلى سمير لكن يبدو حضرتك إنسان كلامك نظري، أنت إنسان غير محترم، أنت مخادع يا خسارة الحب الذي كنت أحمله في قلبي لك مدة السنوات الماضية
قال: أرجوك يا هدى أخبريني ماذا هناك؟
قالت كان منظركما جميلا أنت وماريا، في شارع الروتيرو وهي متأبطة في ذراعك ودخلتما مقهى الشموع...
ضحك فارس ضحكات قهقهة، وقال أرجوك تعالي معي وهاتف ماريا وقال قابلينا في الحال في مقهى الشموع...
دخل فارس وهدى إلى المقهى جاء شاب يستقبل فارس وقال عليك أن تشكر ماريا خطيبتي على الذي تفعله في تزيين القاعة من أجل عيد ميلاد هدى، ماريا لا تزال في الداخل منذ قدمتما سوية...
تعمل مع عمال المقهى وتقول أريد صالة جميلة تليق في عيد ميلاد صديقتي الرائعة هدى...
نوبة من الضحك المجنون أصابت هدى لا تعرف كيف تعتذر من فارس وماريا...ولا كيف تشكرهما على المفاجأة التي كانت ستكون كارثية لولا العتاب الصادق...
الحلقات السابقة موجودة بمجموعة (ثلاث شمعات)
الكاتب: عبده داود
إلى اللقاء في الحلقة السابعة...