ضيْعتي
كُنتُ أحيا تحتَ أقدامِ جبلْ/ في أمانٍ دونَ خوفٍ وَوَجلْ
ضيْعَتي كانتْ على مرِّ الزمنْ/ أرضَ خيرٍ وحياةٍ كالعسَل
معْ شُروقِ الشمسِ كُنّا في سِباقْ/ كطيورٍ أوْ خيولٍ للعمَلْ
في حقولٍ قُربَ وادٍ هائمٍ/ لا نُبالي بقُروحٍ أو كلَلْ
وَبِشدوٍ وغِناءٍ دائمٍ/ نتخطّى كلَّ دقّاتِ المَلَلْ
هُمُّنا أنْ نزرعَ للأهلِ هوىً/ لِترابٍ في هَجيرٍ أوْ بلَلْ
ومتى عُدنا مساءً تحتَ بدْرْ/ نتَغنّى بأهازيجِ الزجَلْ
مسرحًا للْحُبِّ كانتْ ضيْعتي/ ملعبًا للشِعْرِ مِنْ بابِ الغَزلْ
أُخْوَةً كُنّا وإنْ كانَ اخْتِلافْ/ فاخْتِلافُ الرأيِّ أمْرٌ مُحْتَملْ
بلْ ومقبولٌ لِإثراءِ النِّقاشِ/لا لِإضرامِ التعدّي والْجدلْ
فهُنا ما خانَ شخْصٌ أهلّهُ/ أوْ وشى للْغُربِ أوْ حقْدًا حَمَلْ
فجميعُ الأهلِ طودٌ شامِخٌ/ ما صِراعٌ بيْننا قدْ يُفْتَعلْ
كلُّ مَنْ جاءَ لِتدْميرِ الْحِمى/ في لِباسِ الذُلِّ والْخِزيِ ارْتَحلْ
كُلُّنا ضِدَّ غُزاةٍ للْحِمى/ ما شقيقٌ ضِدَ أهلٍ اقْتَتلْ
ما فريقٌ عِندَ كرْبٍ انثنى/ أوْ عَنِ الأهلينَ يومًا اعْتَزلْ
ما قريبٌ بالأعادي احْتَمى/ أو إِلَيْهِمْ دأْبَ عبْدٍ انْتَقلْ
ما زعيمٌ قبلَ هذا خانَنا/ أوْ إذا حقَّتْ أمانينا خذَلْ
لِمَ هانوا لِمَ خانوا ضيْعَتي/ ما الذي يا ربَّنا قدْ حَصَلْ
هلْ أصابَ القوْمَ ويْلي حاصِبٌ/ أمْ عليْنا ابْتِلاءُ قدْ نَزلْ
فدِيارٌ دُمِّرَتْ بالكامِلِ/ لا تَرى مِنْ أهلِنا مَنْ يُنْتَشلْ
هلْ أتَتْنا صيْحَةٌ مِنْ ربِّنا/ لِذُنوبٍ اقْتَرفْنا أو زَللْ
وَلَعلَّ القوْمَ ضلّوا كثمودْ/ أوْ كَعادٍ أوْ لِنُكرانٍ جَلَلْ
ويْحَ قلبي ما الّذي حلَّ بِنا/ لمْ يَعُدْ دمْعٌ لديْنا في المُقَلْ
قتْلُنا مُنذُ عُقودٍ قائِمٌ/ إذْ مُباحٌ قتْلُنا دونَ خجلْ
لا شقيقٌ أوْ أخٌ يسمَعُنا/ قدْ أُصيبَ الكلُّ ويْلي بالْخَبَلْ
إنّهم صمٌّ وِبُكمٌ بلْ عَموا/ وَزَعيمُ اليومِ قدْ صارَ هُبَلْ
لوْ بَعثْتَ اليومَ يا ربُّ النَّبي/ قدْ يُصابُ الكلُّ حتْمًا بالشللْ
عفْوَكَ اللّهمَّ إنّي مُحْبَطٌ/ لمْ يَعُدْ في الأرضِ عدْلٌ أوْ أمَلْ
د. أسامه مصاروه