جولة في فَرَاغ
محمد حسام الدين دويدري
___________________
مَشَيتُ في شَوَارِعِ المَدِينَةْ
مُفَتِّشَاً عَنْ وَاحَةٍ رَصِينَةْ
أُحِسُّ فِيهَا نَفحَةَ التَآخِي
وَنَسْمَةً نَقِيَّةً مُعِينَةْ
تَصُبُّ في نُفُوسِنَا الأَمَانِي
وَتَزرَعُ الهُدُوءَ والسَكِينَةْ
لَكِنَّنِي أَلفَيتُها ضَجِيجَاً
وَأَضلُعَاً بِغُصَّةٍ دَفِينَةْ
تُعَانِي القَهرَ والمَآسِي
بِكُلِّ مَا فِي صَدرِهَا حَزِينَةْ
تَجُوبُ في شوارِعٍ ضَنِينَةْ
وَقَدْ غَدَتْ دُرُوبُهَا قِفَارَاً
وَإِنْ بَدَتْ كَحُلَّةٍ ثَمِينَةْ
تُعَاني الفَقْرَ وَالغَلاءَ قَسْرَاً
وَوَحْدَةً مُذِلَّةً مُهِينَةْ
إِذْ هَاجَرَ الأَبنَاءُ عَنْ حِمَاهَا
وَ أُلهِبَتْ رُبُوعُها جُنُونا
مُنْكِرِينَ الجَهلَ وَ التَغابي
هاربينَ مِنْ أَذَى الضَغِيتَةْ
وَخَلَّفُوا وَرَاءَهُمْ كُهُولاً
وَعَجزَ أُمٍّ لِلصَدَى رَهِينَةْ
تُجَدِّدُ الدُعَاءَ كُلَّ صُبْحٍ
وَتَشْتَكِي في عَبْرَةٍ رَصِينَةْ
* * *
عَبَرْتُ في َطِريقِيَ الدُرُوبَ في انْتِظَارْ
أَنْ تَسْتَريحَ غُصَّتِي
في آخِرِ المَسَارْ
أُذِيبُ بَعضَ ثَورَهِ الأَعصَابِ في الزَمَنْ
وَأَحتَسِي الخَيالَ مِنْ زُجاجَةِ الفَراغْ
وأرشف الطُيُوفَ مِنْ مَوَاقِعِ الغُبَارْ
فَأُبْصَرَت رُؤَايَ قَومَاً في مَدَى التَيَّارْ
يُحَفِّزُونَ ظِلَّهُمْ فِي اللَيلِ والنَهَارْ
وَيَمسَحونَ دَمعَةً تُؤَرِّقُ الإبْصَارْ
تَعَلَّمُوا اكْتِشَافَ دَربِ العَيشِ في إِصرَارْ
وَأَبْصَرُوا مَنَابِعَ الآمالِ في القِفَارْ
فَحَاوَلُوا أَنْ يَزرَعُوا
وَحَاوَلُوا أَنْ يَغرسُوا
وَحَاوَلُوا أَنْ يَحْصُدُوا
وَحَاوَلُوا أَنْ يَصنَعُوا
لَكِنَّ كُلَّ مَنْ هُمُ في مَوقِعِ القَرَارْ.
يُحَاوِلُونَ صَدَّهُمْ بِقُوَّةِ الفَسَادْ
وَسَلْبَهُمْ... وقَهرَهُمْ...
كي يَنشُرُوا الخَرابَ والبَوَارْ
* * *
وهَكذا..., وَجَدْتُ نَفسِي أَترُكُ الخَيَالْ
مُحَاوِلاً بِكُلِّ مَا أُوتِيتُ مِنْ خِصَالْ
أَنْ أَستَعِيدَ واقِعِي المُحَاطَ بِالأَسْمَالْ
وَقَدْ أَذَبتُ هَدأَتِي في بِركَةِ السُؤالَ:
هَلْ يُمكِنُ الخَلَاصُ في قِفَارِ الجَهلِ, وانْحِسَارِ الفِكْرِ, وَالأَغلالْ.....؟
وَقَدْ طَغَتْ أَوجَاعُنَا
وَخَيَّم المُحَالْ...!
.............................
8 / 2 / 2017