**متعب بأفكاري**
بقلم ااشاعر عبد الستار الخديمي
دلفت أفكاري من النّافذة
كطير هارب من سجنه الذّهبي
وانصبّتْ في جدول آسن
لم أستطع كبح جماحها
أشفقت عليها فرافقتها طمعا في حمايتها
فتمرّدت
أنا وأفكاري خطّان متوازيان لا يلتقيان
ولكنّنا نتشابك كلّما استعرت جذوة الوجد
ألسنا سجناء في غرفة كدهليز بشرفة واحدة !!
واتجاه واحد ذهابا دون إيّاب
وجدول واحد سدّت مداخله ومخارجه
فسُجِن هو أيضا في بقعة من الأرض تضيق دوما
وكلّما دنا من الغرق بكت السماء فامتلأ
وفاضت ثغوره
فنجا من الغرق
تنتابني فكرة أنّ المنازل ليست سوى أعشاش طير
نهجرها حين تفقد ألقها
أمدّ يدي أحيانا فألامس السّقف النديّ
أبحث فيه عن فجوة أنفذ منها
تعوزني الأجنحة
ويحملني الخيال
إنّه يرشح كغيمة مثقوبة أصابها الدوّار
هراء أن أضع ساقيّ في ماء ميّت
لن أنعم بتلك القشعريرة المكهربة التي تسري في جسدي كالوخز الناعم
الفوضى ورواسب الخريف وبقايا الحريق تتجمّع عند قدميّ
تتحجّر شيئا فشيئا كأعمدة الرّخام
في الزّخام
لا ترى سوى أحذية تتسابق
ورؤوس معفّرة بغبار السّفر تتشابك
صوتٌ أعرفه يُجبرني على الالتفات
ينسيني ذكرياتي وكلّ ما فات
ويحجب عنّي سرّ ما هو آت
صوت كأنّه نشيد حرب
وأنا أعزل بلا عدّة ولا عتاد
يرشدني إلى أعماقي الغائرة
فأجد وجهي الضائع في كلّ ما كتبت
وأجيب عن الأسلئلة الحائرة
وأشحذ هممي الخائرة
وتزهر القصائد
ويتحرّر الجدول المخنوق في وهاد الأرض
وتنتعش أطراف أصابعي
وتتّسع الغرفة
لتصبح خيمة عملاقة أوتادها في الأرض وعمادها في السّماء
وأتماهى مع أفكاري
وأنعم بلذّة الشفق الأحمر في ابتسامة المساء
وأبعث من جديد
إنسانا جديدا
بأفكار جديدة
بقلمي:عبد الستار الخديمي - تونس