أبجدياتُ الدموع
لستُ استغرب من موتِ السنديان داخل إصيصٍ صغير ، فالجذورُ العميقةُ تُظلم في الأرضِ الضحلة. لستُ استغرب من رفرفة الروحِ داخل الجسد إذا حُبِستْ في مكانٍ لا يُناسبُها ، فالأرواحُ كما البشر منها المُدجن كأرنبٍ كسيح ،ومنها الحصانُ البريَُ الذي ينطلقُ في البراري بلا توقف ولا حواجز . لستُ استغربُ من سطوةِ الموتِ على الناس، ولكن استغربُ كيف لا يرون سطوةَ الموتِ الذي يأخذُ شكلَ الحياة الصاخبة ؟ فالإنسان لا يموت فقط تحت التراب الأسود ، بل يمكن أن يموتَ أيضاً بأشكال مختلفة تاخذ لونها من لوحة الحياة الجامدة.لستُ استغربُ من كثرةِ الدموعِ رغم ما يظهرُ من طبيعية الحياة ، ولكن استغربُ كيف لا يقرأُها البشرُ، فالدموعُ هي كلماتٌ وليستْ ماءً بُراق بلا جدوى، ولكن يبدو أن أمية الدموع أكثرُ انتشاراً من أُميّة الأبجديات. لست استغرب من موت الطيور في الأراضي المنخفضة فقد تكون عندها قد فقدت أجنحتها وقوادمها . هي تعرف حقا إنها طيور ومكانها قلاع الريح ،ولكن للضرورة أحكام فقد تكون وُضِعتْ في غير موطنها رغما عنها فماتت كمدا وعجزاً. ما استغربهُ حقاً هو معجزةُ الروح التي تُحلقُ داخل قفص ووهجُ الحياةِ الذي يُبرقُ ويومض داخلها رغمَ عتمة المحدودية ورغم أنها تُدركُ تماما ان الحفرة التي تصنعُها الأظافر في الصخر لن تتسع كثيراٌ، ولكن إنها الصقور تموت تتألم ولكنها لا تيأس. إنها معادلة الحياة والموت بينما تترنح الكينونة بينهما وتبقى في المنتصف.
#بقلمي
#إيمان_مرشد_حمّاد