لي في مجالِ العشقِ
الشاعر السوري فؤاد زاديكى
لِي فِي مَجَالِ العِشْقِ مَا قَدْ يُسْمَعُ ... يَا أَيُّهَا الشَّادِي، وَ أَنْتَ المُبْدِعُ
كَمْ قَدْ عَزَفْنَا فِي مَغَانِي لَهْوِنَا ... مَا يَجْعَلُ الإِحْسَاسَ رُوحًا، تُدْفَعُ
لِي فِي هَوَى العُشَّاقِ سِرٌّ مُبْدِعٌ ... يَبْقَى عَلَى الأَيَّامِ نُورًا يَسْطَعُ
كَمْ قَدْ سَهِرْنَا بِاللَّيَالِي نَشْوَةً ... وَ الشَّوْقُ بِالأَعْمَاقِ نَهْرٌ يَنْبَعُ
مَهْمَا جَرَتْ أَقْدَارُنَا كَالرِّيحِ، لَا ... شَكٌّ بِأَنَّا بِالأَمَانِي نَطْمَعُ
فَالْحُبُّ لِلأَرْوَاحِ ظِلٌّ دَائِمٌ ... مِنْهُ نُجُومٌ سَاطِعَاتٌ تَلْمَعُ
فِي كُلِّ يَوْمٍ نَجْمُ حُبِّي سَاطِعٌ ... وَالنَّجْمُ لِلأَحْلَامِ يَسْعَى، يُسْرِعُ
نَبْضَاتُ قَلْبِي فِي خُفُوقٍ طَالَمَا ... شَوْقُ اللَّيَالِي لِانْدِفَاعٍ يَدْفَعُ
لَوْلَاهُ مَا سَارَتْ سَفِينِي نَحْوَهُ ... إِنِّي رَأَيْتُ الوَصْلَ فِيهِ المَطْمَعُ
العِشْقُ بَحْرٌ فِي مَدَى شُطْآنِهِ ... وَالمَوْجُ فِي قَلْبِي هَدِيرًا يَدْفَعُ
يَا لَيْتَ وَصْلًا بِالأَمَانِي مُقْبِلٌ ... إِحْسَاسُ أَشْوَاقِي بِعِشْقٍ يَقْرَعُ
العَيْنُ تَسْعَى بانتِظَارٍ دَائِمًا ... وَ القَلْبُ فِي دَرْبٍ مُحِبٌّ يَطْمَعُ
مَا زَالَ طَيْفُ السِّحْرِ فِي رَوْضٍ لَهُ ... لِلْعِطْرِ فِي آفَاقِ رُوحِي مَوْضِعُ
قَدْ كُنْتَ لِي وَحْيًا جَمِيلًا نَاطِقًا ... وَ الآنَ دُونَ الوَحْيِ شَيْءٍ مُفْزِعُ
يَا لَائِمِي بِالحُبِّ صَبْرِي نَافِذٌ ... وَ القَلْبُ فِي رَسْمِ المَعَانِي مُولَعُ
لَا تَسْأَلِي عَمَّا بِجُرْحِي نَازِفٌ ... فَالجُرْحُ فِي أَعْمَاقِ نَفْسِي يُوجِعُ
قَدْ كُنْتِ لِي نُورَ الحَيَاةِ المُبْتَغَى ... وَ اليَوْمَ أَعْدُو خَلْفَ طَيْفٍ، أَتْبَعُ
فَالعِشْقُ عَهْدٌ فِي ضُلُوعِي وَ الحَشَا ... تَبْقَى أَمَانِيهِ كَشَمْسٍ تَسْطَعُ
يَا نَاعِسَ الأَجْفَانِ، أَنْتَ المُشْتَهَى ... فِي طِيبِ وَعْدٍ، حَيْثُ حِسٌّ يَخْشَعُ
أَبْحَرْتُ فِي بَحْرِ الهَوَى مُتَيَّمًا ... وَ الفِكْرُ فِي أَمْوَاجِ حُبٍّ يُقْلِعُ
كَمْ مَرَّ لَيْلٌ، لَمْ تَكُنْ فِي جَانِبِي ... لَا حُزْنَ عَنْ دَفَّاتِ صَدْرِيَ يُرْفَعُ
لَكِنَّ لِي مَيْلًا _ لِوَصْلٍ _ قَائِمٌ ... مَا دَامَ حُبٌّ لِلأَمَانِي يَخْضَعُ
يَا سَائِلِي عَنْ حَالِ قَلْبِي، مَا بِهِ ... بِالحُبِّ عَيْنَانَا سَرِيعًا، تَدْمَعُ
مَا عَادَ لِي مِنْ بَعْدِهِ صَبْرٌ، وَ لَا ... قَلْبِي يُطِيقُ البُعْدَ فِيمَا يَزْمَعُ
قَدْ كَانَ لِي نُورٌ مُضِيءٌ عَالَمِي ... وَ اليَوْمَ فِي مَهْوَى صِرَاعٍ أُصْرَعُ
لَوْ أَنَّهُ يَرْضَى بِلُقْيَا رُوحِنَا ... لَارْتَاحَ قَلْبَانَا، وَ زَالَ المُفْجِعُ
فِي حُبِّهِ قَدْ صَارَ قَلْبِي مُغْرَمًا ... بِالوَجْدِ وَ الأَشْوَاقِ، لَا أَسْتَمْتِعُ
إِنِّي أَرَى الدُّنْيَا بِمَا فِي عَيْنِهِ ... أَحْسَسْتُ فِيهَا حُبَّهُ، يُسْتَجْمَعُ
لَوْ غَابَ عَنِّي لَحْظَةً، أَضْحَى المَدَى ... لَيْلًا طَوِيلًا لِلْمَرَاثِي يَتْبَعُ
مَا لِلعَذَابِ اليومَ فِي أَحْضَانِنَا ... يسري فَقُلْ أينَ الوِصَالُ المُزْمَعُ؟
ألمانيا في ٢٩ أيلول ٢٤