... عندما رحَلْتَ ...
عندما رحلْتَ يا زوجي الحبيب عشتُ مشاعرَ كل قعيدٍ كسيحٍ مشلولٍ، وأدركْتُ معنى ( انكسر ظهري ) قولاً وعملاً....
عندما رحلْتَ يا توأم روحي أحسسْتُ بما يعانيه الكفيفُ الذي فقدت عيناه البصرَ فلم يعد يبصرُ وأصبحَتْ كلّ ألوانه محصورةً باللونِ الأسود وباتتْ كلّ أيامه بنهارها وليلها ظلام...
عندما رحلْتَ يا نبض الفؤاد أدركتُ معاناة من يتوه في صحراءٍ قاحلةٍ جدباءَ فتصبح كلّ أمانيه وأقصى أحلامه شربة ماء يروي بها ظمئا يقتله...
والأرواح كذلك تظمأ للراحلين ويفتك بها الظمأ لتصبح أقصى الأماني والأحلام رؤيتهم في المنام...
عندما رحلْتَ يا أغلى البشر انقطعَتْ أنفاسي وأنا أستشعرُ حال الغريق الذي فقد مركبه فغاص في بحر لجّي وهو لا يجيدُ السباحة.
عندما رحلْتَ يا قرّة عيني عرفتُ كيف تموت البسمة على الوجوه، وكيف تختنق الكلمات في الحلق، وكيف تتحجر الدموع في الجفون، وتنزفُ قهراً وألماً وتسيلُ الأحزانُ ممطرةً على أرضِ قلبي لتنبتَ منه جرحاً نازفاً لا يداويه الزمانُ مهما طال....
عندما رحلْتَ يا حبيبـ القلبِ عرفتُ الفرقَ بين من ينبضُ قلبه طبيعياً، وبين من ينبضُ قلبه على جهازِ التّنفس الاصطناعي....
فمنذ رحيلك وقلبي ينبضُ على جهاز تنفسٍّ اصطناعي يضخُ النبضَ لكنّه لا يضخُ الحياة، فقد كنْتَ أنت الحياة والنبض له...
رحمك الله وجمعني بك في جنّة النّعيم...
بقلمي/ بيسان مرعي