*----------------{ تائهـون }---------------*
والسؤال متى نؤمـن ونعمل على وحدة المصيرِ
وقد عشنا أفظع أشكال الاذلال والقهر والتحقيرِ
لأننا تعلقنا بالتمزق وأمعـنا في التفتين والتنفـيرِ
وبكل ألم ضعنا بين الأمم بدون حليف أو نصيرِ
وبتنا مطمعا للقاصي والداني والكبير والصغـيرِ
فمتى نستعـيد قوة الوعي ونتخلّص من التخـديرِ
ودجل الشيـوخ والفقهاء والدعـاة وأولي الأمورِ
وجميع من كانوا السبب في العراقيل والتقصيرِ
وكأنني بهم لا يحسنون غير التخريب والتدمـيرِ
والغريب حقا أنهم أعداء ألـدّاء للتقدم والتطويرِ
في عالم لا يقـبل إلا بقوة العلوم وحرية التعـبيرِ
وتقـديس العمل والأخذ بنجاعة وسلامة التفـكيرِ
ولا دور فيه للأغبياء والحمقى وأعداء التغـيـيرِ
ولا مقام وكرامة فـيه للذليل والمتهاون والفقـيرِ
فلا قيمة لشعب يفـتقر إلى حب الابداع والتنويرِ
ولا همّ له إلا التمتع بالأحاديث وسرد الأساطيرِ
وترديد الأدعية جهرا وسرا وبلا صدق وتأطيرِ
ولا يعرف من قيم الدين سوى الشكل والقـشورِ
فالرياء له مكانة والطـمع أساس في كل حضورِ
لعله يظفر برضاء الله وبالكسب السهل والوفيرِ
ألسنا نؤمـن بالقدر ولا نعـمل بالذكاء والمحاذيرِ
ونعتبر جل مآسينا ابتلاء من الله الرحيم القـديرِ
ولم نفكر بتحمل الأخطاء وعاقبة سوء التسيـيرِ
وليت نصدق في القال والعمل والفكر والشعورِ
فكم نحن مغفّـلون ومنافقون في البداية والأخـيرِ
ومن يفكر بسوء النيّـة يقع تحت طائلة التخـويرِ
ولا يسلم من الوساوس وغـباوة الظن والتقـديرِ
ومن يتصرف بأنانية ينتهي إلى منعطـف خطيرِ
ويفقـد أي سند ولا يجد عونا في الزمـن العسيرِ
والحقيقـة أن ما لنا من جهل هو منقـطع النظـيرِ
وما نتعاطاه من دهاء وبهتان هو القليل من كثيرِ
والمؤلم أن التدجـيل في حياتـنا يبدو بالغ التأثيرِ
والأكيد أننا نمتلك بداهة التقـية والتعلل والتبريرِ
فنحن أتقياء ونعرف الصراط ونثق بالله الغفورِ
ونظن أن سيئاتـنا تزول بالشكر والدعاء اليسيرِ
وها نحن في جحـيم الأهواء تائهون بلا محاذيرِ
وقد لوثـنا حقيقة الإيمان وحسن الرأي والتدبيرِ
وعزف أولو الأمر عن هدف التوحيد والتحريرِ
لنحيا تحت نير العـرش في خدمة الملك والأميرِ
أو السيد الرئيـس والزعيم الفذّ وحضرة الوزيرِ
وبالأحرى والفعل في خدمة وطاعة ناكر ونكيرِ
ولكن في خضم الواقـع والحقيقة وخارج القبورِ
*-----{ بقلم الهادي المثلوثي / تونس }------*