"تراتيل عاشق من كواكب بعيدة"
________
أهواكِ من زمنٍ تبعثرَ في المدى
واخترتُ في عينيكِ منفايَ الأبدَا
يا نجمةً هبطتْ على كتف الدُجى
لتقودَ روحي نحو سِرٍّ قد غدا
سرُّ العيونِ، إذا تنفّستِ الهوى
صارَ الهوى كوناً، وصرتِ له الصدى
أنا من كواكبَ لا ترى، ولقاؤنا
خطٌّ تهاداهُ السحابُ وما حدا
جئتُ اقتفي آثارَ وهمٍ في المدى
فوجدتُ فيكِ الحلمَ، منفىً، موئِدا
عيناكِ... هل هما المجرّاتُ التي
بثّتْ نعاسَ الخَلقِ في زمنِ الصدى؟
إنّي أحبُّكِ مثلَ صوفيٍّ شكا
وجداً تكسَّرَ بينَ محرابٍ وغدا
أمشي إليكِ وخطوتي قصبُ الرؤى
وعلى جبيني شوقُ نبضٍ ما انهدى
يا ليتني كنتُ الندى في وجنتيكِ
أو دمعةً خَجلى على خدِّ الرُّبا
أو كنتِ لي، لا بل أكنْ لكِ شِعرَتي
كلّي فداءٌ... ما تبقّى أو بدا
أنا من سراديبِ الجنونِ أتيتُ كي
أبني على جمرِ التمنّي مرفأَ
ولقد نقشتُ حروفَ حبكِ في دمي
نقشَ النبيِّ الوحيَ، أو من قد هدى
أنتِ اليمامُ إذا تمادى في الثرى
وأنا الرياحُ إذا تمادتْ موقدا
شفتاكِ... محرابُ القصيدةِ، فاسجدي
لي لحظةً، أو قبّلي هذا الندا
لا تسألي عنّي، فأنا في لوعتي
قلبٌ بلا وطنٍ، وصوتٌ موطدا
أنا لا أريدُ من الحياةِ سوى يديكِ
ففي يديكِ الروحُ تُبعثُ مولدا
كفّاكِ إن مسّتهما نارُ الهوى
تبقى الجراحُ على يديّ مبرّدا
يا ذاتَ سحرٍ لو تغنّى ماؤه
سارتْ على لججِ التمنّي المرفدا
حبّكِ صلاةُ العاشقينَ إذا سجدْ
والشوقُ إيقاعُ اليتيمِ إذا بَدا
ولكِ استعدتُ طفولتي بدموعها
ولكِ انتهيتُ كما انتهى ذاك المدى
أهواكِ... والأكوانُ تشهدُ أنّني
أكتبْكِ أنفاسًا، وأرسمكِ المدى
بقلم / احمد عزيز الدين احمد
؛؛؛؛؛؛ شاعر الجنوب
القصيدة على بحر الكامل