( نداء الحب)
----------------------
قلبي إذا أقبَلَت - أذناي تسمعُهُ
والعقل يضرعُ لا يجدي تضرُّعُه
-----------
فلا تؤذِّن لدى عقلٍ نأى عنّي
ولا تجاهر بصوت - ليس يسمعُه
-------------
لها عروشٌ حواشيها مطرّزةٌ
وبيت قلبٍ يطيب النومَ مضجعُه
------------
لو أهمَلَت مهدَها سارعتُ أفرشُه
بما يليق لوجه الشمس تسطعُه
------------
ما أقبلت مرّةً إلا وتملكُه
أو أدبر ت لحظةً - إلّا وتصعُعُه
-----------
هي التي أنبتت بالقلب أجنحةً
حتى يطيرَ فلا يَراهُ موضعُه
-----------
فقد ملأت فراغا كان يطلبُها
ثمّ ارتجاها لما شاءت تُطوّعُه
----------
ملّكتُها العرشَ رهنا حيثما جلست
ومن أقامت بعرش لا تضيّعُه
أضمرْتُ الخير في حبِّ وفي أملٍ
سلَّمت عشقي لأجناح تساطعُه
----------
فأوجبَ العفوَ عمّن كان يظلمني
وألزَمَ الوصل ممّن كنتُ أقطعُه
---------
كأنّني ما شكوت الجرح يوما
أو نالني منه ما قد كنت أجرعُه
----------
وكم تذوّقت طعم العشق في جرحٍ
والسهم يعرف أنّ الجرح موضعُه
-----------
وكل جرحٍ عدا جرح الهوى عرَضٌ
فمن يذوق الهوى لا جرح يوجعُه
-----------
وكلّ عذرٍي لمن قد خانه عشقٌ
من لم يذقه فكيف الصدح يُسمعُه
-----------
فالحب إن ترتويه النفس يصلحها
وإن يمازج نبض القلب يشبعُه
---------
براءة العين إن تبدو أزكِّيها
والشكٍّ ما إن بدا بالهمٍّ أقطعُه
-----------
وكل وفائها في القلب أحفظُهُ
وكل ما أملحَ العينين أدمعُه
----------
فليس في فطَر النفوس من كرهٍ
وليس بالصلب منه حين نزرعُه
-----------
لكنّما إصبعٌ للشرِّ غرّسَهُ
ومن ثمارِ الذي يَجنى يُصَنِّعُهُ
----------
بايعتها - فأعدّت عينها سكنا
وإن ظَمئتُ - فماء القلب أجرعُه
----------
فالعائشون على بغيضهم كفروا
والحب يعرف أنّ الروح منبعُهُ
----------
والنور إن تهتدي لضوئه نفسٌ
لن يترك بغضها إلا وينزعُهُ
-----------
والمؤمنون بأن الحب في طبع
ومن فطَرٍ -- وأنّ الدين يشرعُه
-----------
سيدركون بأنّ الله منصفهم
ومن دعا ربه بالحب يسمعُه
-----------
فيا غلاظ القلوب ليتكم صخر
فالصخرمن وجل قد سال مدمعُه
-------------------------------------
( بقلمي - عبد الحليم الشنودي)