*بين الجنّة والنّار*
ما أبهى الدِّنيا حين تبتسم!
كأنّها وردةٌ تهمِسُ للحياة
لا يُكَدِّر صَفوَها الباسِم
سِوى ذاك الزّائرِ المُلقَّب
بهادِمِ اللَذّات
فماذا أَعدَدنا لساعةِ البعث المَوعود
وعَوْدةِ الأَرواح إلى الرُّفات؟!
ما اصعبَ! وما اسهلَ هذا الامتحان!
فإجابتُهُ واضحةٌ كالشّمسِ للعِيان
كَم هو مُربِكٌ هذا الصِّراع!
فيه يمشي العَبدُ مُتَرنِّحا
كَالرِّيحِ في مَهَبِّ الخِداع
يُزيِّن له الغَرُورُ الخَبائِثَ
كَساحِرٍ مُتَمرِّسٍ فنّان
يخدَعُ العُقُولَ ويَأسِرُ الأَبدان
يَأتيه مِن بين يديه .. ومن خلفه
ويقتحِمُ الأبوابَ والجُدران
مُتَسلِّحا بأدواتِ التَّغرِير
وأَعظَمِ وَسائِلِ الضّلال
واعِدًا بِسَيلٍ نازِلٍ من المُزْنِ
حامِلًا بشائرَ الآمال
وفي الحقيقة جاء رافِعا
بَوادِرَ الخُسرانِ وسُوءِ المَآل
فيقع في فَخِّ الرّذيلةِ ومَخاطرِ الإدمان
كُلُّ مَنْ يَنقادُ بسَلاسة لمََكائدِ الشّيطان
(قد أَفلحَ من تزكّى)
وكَبحَ شهواتِه واللّسان
واحتمى بدِرعِ الاستقامة الصَّوَّان
وقد وَقَعَ في غَياهِبِ العِصيان
من غَلَبتهُ رَغَباتُهُ فأطلقَ لها العِنان
إنّه يعلم كما يعلمون
(أنّه (لا ينفع مالٌ ولا بَنون
ولا أصحابٌ ولا خِلّانٌ مُقرَّبون
يومَ نَقِف جميعا أمام الرّحمن
لِيَشهَدَ على أفعالِنا اللِّسان
وتنطِقُ بالحَقِّ أطرافُ الأبدان
وأسماعُنا وأبصارُنا والجُلود
حينها تبدأ عِيشَةُ الخُلود
بأمرٍ صارِمٍ من الخالِقِ المَعبود
فإمّا جنّةٌ ونعيمٌ مُقِيم
أو عذابٌ وتَصلِيَةُ جَحِيم
فهل مِن مُتَّعِظٍ فَطِين؟!
كمال العرفاوي
تونس في 25 / 05 / 2025