ليس لدى المحبّة من ضمان
-
من البحر الوافر
-
نهاني في المحبّة من نهاني – وحذّرني مصاحبة الحسانِ
وقال بأنّ حظّي من حبيبٍ – أسير النّفس مأسور الأمانِي
وأنّ الحبّ في عهدي سرابٌ – فقلت له رويدك قد كفانِي
لقد أسمعت إذ ناديت صبًّا – جريح القلب مكلوم الجَنانِ
أعاني من إساءة خلّ سوءٍ – فدعني من إساءته أعانِي
وفي جرحي من الآلام عمقٌ – أتاني من حبيبي ما شَجَانِي
وأذكر حين أسأله بلطفٍ – لم الهجران إنّك لا ترانِي
يقابلني بقولٍ ليس فيه – كلام الصّدق أو صفو المعانِي
وصيّرني إذا ما رمت قولًا – من الأقوال يختم عن لسانِي
يفارق مهجتي في كل حينٍ – ويعصر خافقي في كلّ آنِ
شكوت فعاله للدّهر حتّى – يعامله الزّمان بما دهانِي
ويشرب من كؤوس الشّوق شربًا – يذوق به شرابًا قد سقانِي
ويخسر ثم يندم ثم يبكي – وينكر نفسه في كلّ شانِ
فهذا الحبّ عذّبني كثيرًا – وليس لدى المحبّة من ضمانِ
معاذ الله ليس الهجر حبًّا – وليس البعد من فعل الحسانِ
حبيب الرّوح لا يجفو جفاء – ولا يقسو على كدر الزّمانِ
مساء الحبّ ورد في عبيرٍ – وليل الحبّ يعزف بالحنانِ
درى حبّي بما فعلت يداه – بسهم الحزن مسمومًا رمانِي
هويت من الهوى فهويت منه – الى بحر الكآبة في ثوانِي
شعرت بجنّتي صارت جحيمًا – يعذبني مكانًا في مكانِ
اتفهم في العقول بنود حبٍّ – وتنكرها القلوب بالامتحانِ
"ملاعب جِنّةٍ لو سار فيها – سليمانُ لسار بِـتُـرْجُـمَـانِ" (1)
خطابٌ قاله في وصف قومٍ – حكيم الشّعر عند أولي البيانِ
لهم في الزّور وصفٌ لا يجارى – صفاتٌ بثّها وَحْيُ الدِّنانِ
يسيء الفاسق الكذّاب سوءً – الى أهل المحبّة كالجبانِ
فينكر بعضهم صدق النّوايا – وينكر غيرهم شطّ الأمانِ
يرانا الحبّ أملاكًا وطهرًا – وفي جوّ السّما فرسيْ رهانِ
-
1 - البيت للمتنبّي استعملته على سبيل التّضمين وقد اشرت بالتلميح في البيت الذي يليه الى المتنبّي بوصفه حكيم الشعر .
-
من ديواني الرّابع : أريج السّعادة
شعر / محمّد هشام خليفي