#رواية_عبور_البحر_الأبيض_المتوسط 💦
بقلم الأديبة سميا دكالي
تحكي الرواية عن حياة فتاة عاشت في ظل أوضاع أسرة مغربية تقليدية....تحكمها تقاليد وعادات المجتمع التي ظلت تحت رحمتها.... مما عاق دون تحقيق أحلامها... إلى أن وجدت نفسها قد عبرت البحر الأبيض المتوسط باتجاه مارسيليا.... حيث ضاع ابناءها هناك، وهم عرضة تياره الذي جرفهم للغوص في حياة ما كانت من أصلهم.
#الفصل_الأول (في المغرب )
#الجزء ٨
كم تمنيت لو كنت فتاة عادية لا تفهم شيئا، ولم تكتشف الحياة من عمقها. فتاة تهوى فقط متابعة المسلسلات الدرامية والتسوق، إلى أن تتعب قدماها من التنقل من محل لآخر، حتى تحصل على الفستان الذي يشبه الذي اشترته صديقتها. إلا أني وجدت نفسي مختلفة، عشت وأنا أتعب نفسي بكثرة تحليل الأشياء، ومحاولة معرفة كنهها، كما عشت وأنا أذعن للآوامر وأتقبلها دون أي اعتراض، كمٌّ من التناقض لازمني فقط للبحث عني.
أعدّت أمي وجارتنا المائدة التي زُيّنت بأنواع الحلوى الشهية، والشاي. أما أبي فقد كان في الصالة يترقب قدوم العريس وحالته يبدو عليها التوتر. وبينما الكل ينتظرون، وهم في لهفة لرؤيته، سُمع جرس الباب قفزت من مكاني، وأحسست بخوف يتملكني ورعشة بأطرافي ونبضات في صدغي. كنت في غرفتي جالسة على سريري، نهضت لأسترق النظر. وجدته شابا في الثلاثين من عمره وسيما شكله لابأس به. لكن يبدو على ملامحه الجدية والحزم، فالابتسامة لا تعلو محياه. دخل وهو برفقة أبيه الذي هو صديق أبي كما قيل لي، ومعه زوجته التي هي أمه والتي ستكون حماتي طبعا.
لم يسمح لي بالجلوس معهم سوى للحظات. بقيت في غرفتي إلى أن سمعت نداء أمي. أكيد هم يريدون رؤيتي وكأنني سلعة سوف تباع، تظل تقاليدهم التي ورثوها وعاشوا عليها، وما زالوا يقدسونها لحد الساعة. خرجت عندهم إلى الصالة فبدأت أمه تنظر إلي بإمعان من رأسي إلى أخمص قدميه، أما هو تبسّم قليلا، ثم عقد ملامحه مرة أخرى. أظنني قد نجحت في الامتحان،فقد رأيت حماتي تبتسم في وجه أمي وتتمتم بكلمات القبول لها. انفرجت أسارير أبي وأمي، فهما ربحا الجولة وابنتهم ستقطع البحر الأبيض المتوسط، لتصل إلى جنة الفردوس، وتصبح ميسورة الحال وتغذق عليهم من العطايا ماشاء الله .
عدت إلى غرفتي، التي بدت لي لأول مرة وكأنها ليس بمكاني التي قضيت فيه حياتي، أحسست وكأنّي كنت فقط ضيفة لسنوات فيها، ليأتي أخيرا رجل غريب ويسلبني منها. ألقيت بثقلي على السرير أتأمل كل ركن فيها بكل دقة، حتى يظل راسخا بذاكرتي ولا تذهب عني صورتها.
# سميا_دكالي
(يتبع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق