الأم...الأُم
بقلم الشاعر سعدي الشنون
آذى فؤادي فَقدُه احبابَه
والمرء حين الفقدِ شخصٌ ثاني
ونوائب الدهرِ القسيُّ جميعها
تترى أتت قد مزّقت أركاني
والذكريات تواترت يُكْلِمْنني
داهمْنَني بدقائقٍ وثواني
ليست لتُمهِلني زمان هُنيهَةٍ
والحُزنُ قد طال الفؤادَ العاني
أمي وليتك تعلمين بأنني
لازلت أرقبُ طيفكِ المتواني
يابهجةَ العمر الجميلِ إذ إنقضى
لم يبق للأشياءِ من عنوانِ
يامهجة القلب الحزين وقد ذوى
كاللوذِ كنت لنا وحضن أمانِ
حتى لقد صارت لديّ عقيدة
أنتِ الحقيقة وحدها بزماني
حيّاكِ من أمٍّ شديد فجعها
فلقد رماك الدهر حين رماني
فتَكَ الزمان بوِلدها في غدرةٍ
وبغفلةٍ فلقد قضى إثنانِ
وكما الجبال رأيتها بشموخها
الصبرُ ديدنها على الحدثانِ
في حضرة الموت المهيب مهيبةٌ
رُغما عن الأرماس والأكفان
ولّهت قلبي والفراق رزيّةٌ
والحزن طاغٍ والزمان براني
تأريخ عمري قد غدا كهباءةٍ
تلهو بها ريحٌ بكلِّ مكانِ
أمسيتُ كالمجنون أشخص واجما
حتى لَيُنكر رؤيتي خلّاني
يابسمة الروح الّتي قد غادرت
في حومة الفقد المريع الثاني
للموت كيف تغادري أو ترحلي
ياخير ما في الأرض من إنسانِ
دقّات قلبك لم تكد أن تنتهي
حتى خبا قلبي عن الخفقانِ
مُذ غادرت عيناك تلكَ لعالمي
لاطعمَ للأشياء تحت لساني
وعباءة الستر الجميل تضوَّعت
قبل الردى بالمسك والريحانِ
نامي جوار الله تحت جناحه
والقلب يبكي مابكت عينانِ
سعدي الشنون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق