عُروبتي
عُروبَتي حبيبتي لا تنْدُبي...ذُلَّكِ في هذا الزمانِ المُرْعِبِ
عُروبَتي معذورةٌ إنْ تبْرئي...منّا جميعًا لا فقطْ أن تغْضَبي
لقدْ خذلناكِ أرضنا...بلْ وبِعْنا عِرْضَنا لقاتلٍ مُغْتَصِبِ
هُنّا فهانتْ كلُّ أمجادٍ لنا...حتى ومرّوا فوقَ معراجِ النبي
ودونَ أنْ نخْجَلَ نَسعى للعِدا...فالمالُ جمُّ والزِنا بالذَهَبِ
والقومُ يا عُروبتي في خَبَلٍ...كأنَّهُمْ قدْ خُلِقوا منِ خشَبِ
فيا عُروبتي أنا مُرْتَبِكٌ...ولا أعي إنْ كنْتُ حقًا عرَبي
كُنا أسودًا ذاتَ يومٍ تنحني...لنا القُوى مِن مشْرِقٍ لِمغْرِبِ
فيا عُروبَتي حنانيْكِ أنا...مُكْتَئبٌ من وضعِنا المضطّرِبِ
وهلْ غريبٌ أنّني مُشرَّدٌ...في فكْرِ قومٍ قاحِلٍ وَمُجْدِبِ
وهل عجيبٌ أنّنا في ذِلَّةٍ...ولا حسابٌ رادِعٌ للْمُذنبِ
عُروبتي رُحماكِ إنّا لا نَعي...بأنّنا في وطنٍ مُغيّبِ
فكلُّ مَنْ فيهِ فقيرٌ مُعْدَمٌ...والخيرُ للفاسِدِ أوْ للأجنبي
وكلُّنا نركُضُ في مرعىً لنا...وذو النُهى في ذلّةِ المغْتربِ
يا ويلَتي ماذا جرى للعَرَبِ...ولمْ يزلْ يجري فهلْ مِنْ سبَبِ
مَنِ المُلامُ كلُّنا جميعُنا...منْ حاكِمٍ نذْلٍ لِمحكومٍ غَبي
كيفَ وصَلْنا بعدَ أمجادٍ إلى...أرذَلِ أزمانٍ لنا أو حِقَبِ
نستقْبِلُ الأعداءَ مثلَ سادَةٍ...بالطبْلِ والتطْبيعِ أوْ بالْخُطَبِ
والشعبُ فرحانٌ سعيدٌ يحْتَفي...بقاتِلٍ ومُجْرِمٍ مُسْتَعْرِبِ
خيْراتُنا حِمايةً تُهدى لهُمْ...منْ غيْرِها أجسادُهمْ في التُرَبِ
أيَخْجلونَ لا وألف لا فَهلْ...يخْجَلُ مَنْ فؤادُهُ مِنْ حطَبِ
ومَنْ بلا وجْهٍ وعينانِ ترى...والرأسُ مهجورٌ كبيْتِ خَرِبِ
يا ويْحَ قلبي مِنْ زمانٍ أغْبَرِ...ومِنْ هوانٍ حارِقٍ كاللَهبِ
يا حسْرَتي على شعوبٍ تُبْتلى...ِبِحاكِمٍ مسْتسْلِمٍ مُذْدَنِبِ
فحاكِمُ الأعرابِ لا دورَ لهُ...بالفِكْرِ بلْ في أُمسِياتِ الطَّرَبِ
أوْ في اقتتالٍ ضدَّ إخوانٍ لهمْ ...دمُ الأهالي عِندها للْرُكَبِ
عُروبتي ماذا تقولينَ لِمَنْ...يُدْعَوْنَ في أرْوِقَةٍ بالنخَبِ
أشعارُكمْ يا نُخْبَةً ساقِطَةً...مطْليَّةٌ بالزورِ بلْ بالْكَذِبِ
مدائحٌ تُهينُ مَنْ يكْتُبُها...بلْ إنَّها إهانةٌ للْكُتُبِ
كيفَ لكُمْ أنْ تمْدحوا مُغْتَصِبًا...مهما يكُنْ تبًا لهُ مِنْ مطْلبِ
عروبَتي أيّامَ أنْ كُنّا معًا...كُنتِ وكُنّا حينَها كالشُهُبِ
مدْحُ الخسيسِ صفْعةٌ مُهينةٌ...ليسَ فقطْ للشِّعْرِ بلْ للأدبِ
منافقٌ بدونِ أدنى عِزَّةِ...ومدْحُهُ للْنذلِ سُمُّ العَقْرَبِ
عُروبَتي لا عدلَ في أيَّامِنا...فالحقُّ للقوّادِ والمُنْتَدَبِ
لا دورَ حتى للذّليلِ الواهِنِ...أو للضَّعيفِ صامِتٍ أوْ لَجِبِ
يا أُمَّتي لنْ يرْجِعَ الحقُّ لنا...إنْ تصْرُخي أو تشْتَكي أوْ تشْجُبي
يا أُمَّتي عِندَكِ كلُّ السُبُلِ...لِتَعْتَلي صهْوَةَ أعلى السُحُب
وأنتِ يا عُروبتي التعيسَةِ... معْ أنَّ مِنْ حقِّكِ أنْ تنْتحِبي
وتكرَهي عُقوقَنا وذُلّنا...لا تقْنَطي مِنْ صحْوةٍ للْعربِ
لوْ بعدَ حينٍ سوفَ نرقى للعُلا...وسوفَ نحظى بسلامٍ طيِّبِ
د. أسامه مصاروه
حُبٌّ وَفريضةٌ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق